499
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

بعد الرسول صلى الله عليه و آله إلى بعض الأحكام الواقعيّة فيهما كما هو مذهب من يدين اللّه بهما ، ينافي قوله تعالى في سورة النحل : «تِبْيَانا لِكُلِّ شَىْ ءٍ»۱ ، ويجيء في أوّل الباب الآتي .
(قَالَ : وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : مَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِرَأْيِهِ) أي بالظنّ ، فالباء للاستعانة ؛ أو بما يظنّه ، فالباء صلة «أفتى» .
(فَقَدْ دَانَ اللّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ) أي قال على اللّه ما لا يعلم .
(وَمَنْ دَانَ اللّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ ، فَقَدْ ضَادَّ اللّهَ) أي جحد آياته المحكمات الناهية عن القول على اللّه بغير علم ، أو المراد جعل نفسه آمرا ناهيا ، ونازع اللّه في سلطانه «إِنِ الْحُكْمُ إِلَا لِلَّهِ»۲ .
(حَيْثُ أَحَلَّ وَحَرَّمَ) أي حكم بالحلّ والحرمة من عند نفسه كما نرى في المجتهدين ومقلّديهم يعلّقون الأحكام الإلهيّة على ظنّ المجتهد ، ويقولون : إذا مات المجتهد انتفى ظنّه فلا تعلّق بقوله ، وهذا أيضا من فتاوى مجتهديهم .
(فِيمَا لَا يَعْلَمُ) . الظرف متعلّق بـ «ضادّ» أو بكلّ من «أحلّ» و«حرّم» على سبيل التنازع .
الثامن عشر : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ) ، بفتح الخاتمة وسكون القاف وكسر المهملة وسكون الخاتمة والنون . (عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَيَّاحٍ) ، بفتح الميم وتشديد الخاتمة والمهملة . (عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : إِنَّ إِبْلِيسَ قَاسَ نَفْسَهُ بِآدَمَ۳) .
القيس والقياس، بالفتح من باب ضرب : إلحاق شيء بشيء في حكم ، والباء بمعنى «مع» والظرف حال نفسه ، فكلّ منهما مقيس . والمقصود أنّه قاس نفسه على شيء ، وقاس آدم على شيء .

1.النحل (۱۶) : ۸۹ .

2.الأنعام (۶) : ۵۷ ؛ يوسف (۱۲) : ۴۰ و ۶۷.

3.في «ج» : «إلى آدم» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
498

روايات كثيرة ، وسيجيء في ثالث «باب الخير والشرّ» وهو التاسع والعشرون من «كتاب التوحيد» وكأنّه استنباط من قوله تعالى في سورة الأنبياء : «لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ»۱ ، أو من قوله تعالى في سورة المائدة : «إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ»۲ .
السابع عشر : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ ، عَنْ أَبِيهِ عليهماالسلام : أَنَّ عَلِيّا صَلَواتُ اللّه عليه قَالَ : مَنْ نَصَبَ) ؛ بصيغة المعلوم من باب ضرب ، وفاعله ضمير مستتر راجع إلى «من» أي رفع وعيّن (نَفْسَهُ لِلْقِيَاسِ) ، بأن جعل القياس شغلاً لنفسه .
(لَمْ يَزَلْ) ؛ بفتح الزاي من الأفعال الناقصة . (دَهْرَهُ) ؛ بالنصب ، أي في عمره ، أو بالرفع والنسبة مجاز . (فِي الْتِبَاسٍ) أي لا يعرف الحلال من الحرام ويلحق أحدهما بالآخر ، أو لا يحصل له إلّا ظنّ ضعيف أو اعتقاد مبتدأ ، أو يتوقّف في أكثر المسائل كما هو شأن أهل القياس ، يُقال : التبس بغيره : إذا اختلط بحيث لا يعرف الفرق بينهما . والتبس عليه الأمر : إذا لم يعرفه .
(وَمَنْ دَانَ اللّهَ) . يُقال : دانه من باب ضرب : إذا أقرضه ؛ أي من أدّى إلى اللّه شيئا يجازى عليه .
(بِالرَّأْيِ) ، بفتح المهملة وسكون الهمزة . والمقصود النهي عن العمل بالاجتهاد ، بمعنى جعله مناطا ودليلاً ، وإن كان بدون إفتاء وقضاء .
(لَمْ يَزَلْ دَهْرَهُ فِي ارْتِمَاسٍ) أي يرتطم في الشُّبَه والشكوك لا يجد مخرجا منها ، وينغمس فيها ؛ لكثرة المخائل والمعارضات ، فيتحيّر كما هو شأن أهل الاجتهاد ، لا يحصل لهم فيما يجتهدون فيه في الأكثر أو في جميعه إلّا اعتقاد مبتدأ ، أو أضعف الظنّ ، فضلاً عمّا توقّفوا فيه .
والمقصود بالفقرتين أنّ القول بالقياس والرأي وانحصار طريق كلّ واحدٍ من الاُمّة

1.الأنبياء (۲۱) : ۲۳ .

2.المائدة (۵) : ۱ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95867
صفحه از 602
پرینت  ارسال به