503
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

المجتهدين المصوّبة منهم والمخطّئة، فإنّ اتّباع الظنّ من حيث إنّه ظنّ يتضمّن الحكم بالمظنون إمّا صريحا كما في الإفتاء الحقيقي ، وإمّا غير صريح كما في العمل لأجل الظنّ .
وبهذا يظهر أنّه لا يُبطِل طريقة الأخباريّين .
(وَلَا يَجِيءُ غَيْرُهُ) . هذا لبيان أنّه لا ينسخ هذه الشريعة .
(وَقَالَ) : أي أبو عبداللّه عليه السلام :
(قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام ) : استئنافٌ لبيان ما تقدّم من أنّه لا حكم واقعيّا وواصليّا إلّا وهو فيما جاء به محمّد صلى الله عليه و آله .
(مَا أَحَدٌ ابْتَدَعَ بِدْعَةً إِلَا تَرَكَ بِهَا سُنَّةً) . مضى في شرح عنوان الباب معنى البدعة ، و 1 المراد هنا أعمّ منه ومن الرأي والمقاييس، وهذا مطابق لما رواه المخالفون أيضا عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «ما أحدث قوم بدعة إلّا رفع مثلها من السنّة فتمسُّكٌ بسنّة خيرٌ من إحداث بدعة ». 2 انتهى .
العشرون : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْعَقِيلِيِّ) بضمّ المهملة وفتح القاف نسبة إلى قبيلة، وإمّا عقيل ـ كأمير ـ فيقع علي بن أبي طالب و على غيره. (عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْقُرَشِيِّ ، قَالَ دَخَلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا حَنِيفَةَ ، 3 بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقِيسُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : لا تَقِسْ ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَاسَ إِبْلِيسُ) . هذا إلى آخره تنفير من القياس بعد ظهور قيام الدلالة على بطلانه من نصوص القرآن، كما مضى شرحه في ثامن عشر الباب .
(حِينَ قَالَ) . الظرف ليس متعلّقا بقوله «قاس» بل هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي قياسه حين قال ، والمراد ظهور قياسه منه حين قال : ( «خَلَقْتَنِى مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ» 4 فَقَاسَ

1.في «د»: - «و».

2.مسند أحمد، ج ۴، ص ۱۰۵، حديث غضيف بن الحرث؛ مجمع الزوائد، ج ۱، ص ۱۸۸.

3.باب في البدع والأهواء؛ فتح الباري، ج ۱۳، ص ۲۱۳، باب الاقتداء بسنن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؛ العهود المحمّديّة للشعراني، ص ۶۳۹.

4.الأعراف (۷): ۱۲؛ ص (۳۸): ۷۶.


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
502

فيتّحد المخلوق منه ؛ قال تعالى في سورة الحجرات : «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ» 1 .
(فَلَوْ قَاسَ الْجَوْهَرَ الَّذِي خَلَقَ اللّهُ مِنْهُ آدَمَ بِالنَّارِ ، كَانَ ذلِكَ أَكْثَرَ نُورا وَضِيَاءً مِنَ النَّارِ) . يعني وبعد تسليم القياس والتجاوز عن مدلول الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ لو قاس على الجوهر إلى آخره ، وليس المقصود أنّه لو قاس كذلك كان قياسا صحيحا، وأنّه غلط إبليس في كيفيّة القياس ، بل 2 المقصود زيادة التنفير من القياس ببيان كثرة الخطأ فيه، فإنّ شيخهم وأوّل من سنَّ القياس لهم قد أخطأ خطأً ظاهرا في قياس يلزم على تقدير صحّته بطلانُه، فإنّه لو صحَّ قياس الشيء على مادّته لصحّ قياس المادّة على مادّة المادّة ، فيلزم على قياسه أن يكون آدم أشرف منه .
و«الجوهر» معرّب «گوهر» الأصل الذي يستخرج منه شيء ، والباء بمعنى «مع» ، والنار بتقدير الجوهر الذي خلق اللّه منه النار ، وهذا إشارة إلى أنّ جوهر آدم العذب الفرات النوراني، وجوهر إبليس الملح الاُجاج الظلماني، كما مرّ في رابع عشر الأوّل . 3
التاسع عشر : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ) أي قلت : هل يمكن أن يحدث شيء من الحلال والحرام بحسب الأحكام الواقعيّة، أو بحسب الأحكام الواصليّة، ولم يأت رسول اللّه صلى الله عليه و آله الناس بحكمه الواقعي، أو بحكمه الواصلي، ووكله إلى نظر الناس في مسألة فقهيّة، أو في مسألة من اُصول الفقه .
(فَقَالَ : حَلَالُ مُحَمَّدٍ حَلَالٌ أَبَدا إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَحَرَامُهُ حَرَامٌ أَبَدا إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) . الحصر مراد، أي حلال محمّد هو الحلال وحرامه هو الحرام بقرينة الاستئناف البياني بقوله :
(لَا يَكُونُ غَيْرُهُ). هذا لإبطال أن يختلف أحكام الحلال والحرام باختلاف ظنون

1.الحجرات (۴۹) : ۱۳ .

2.في «د»: «و».

3.أي الحديث ۱۴، من باب العقل والجهل.

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95806
صفحه از 602
پرینت  ارسال به