إذا تناولته فيتعدّى إلى مفعول واحد ، وتقول : ائتخذوا في القتال بهمزتين ؛ أي أخذ بعضهم بعضا ، والاتّخاذ افتعال أيضا من الأخذ ، إلّا أنّه اُدغم بعد تليين الهمزة وإبدال التاء .
وقد يستعمل «اتّخذ» بمعنى «أخذ» فيتعدّى إلى مفعول واحد ، وقد يستعمل بمعنى قريبٍ من معنى «صيّر» وهو تناول الشيء على أن يكون شيئا آخر ، فيجعل الشيئان مفعولين له ، نحو قوله : «اتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً»۱ ، وقد يُحذف المفعول الأوّل . وما نحن فيه يحتمل أن يكون منه ؛ أي لا تتّخذوا أحدا وليجة ، وأن يكون من المتعدّي إلى واحد ، وكذا قوله تعالى : «أَأَتِّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً»۲ ، و«من» بمعنى «في» و«دون» ظرف غير متصرّف بمعنى وراء ، فمعنى من دون اللّه : في وراء اللّه ، كأنّ الاتّخاذ في مكان وراء اللّه ؛ أي لم يعلم اللّه به . ويرجع حاصل المعنى إلى انتفاء نصّهِ ، تعالى اللّهُ عن المكان وعن الغفلة .
ويحتمل أن تكون «من» للسببيّة و«دون» ظرفا بمعنى وراء ومتصرّفا ؛ لما يلحقه من معنى غير ، كما تقول : فعلته بدون تفريط ولا إفراط ، فمعنى من دون اللّه : بغير اللّه ، بمعنى بغير نصّه .
وقال الرضيّ رحمه الله ۳ :
المراد بغير المتصرّف من الظروف ما لم يستعمل إلّا منصوبا بتقدير «في» أو مجرورا بـ «من» . وقد ينجرّ متى بإلى وحتّى ۴ أيضا ، وينجرّ أين بإلى أيضا مع عدم تصرّفهما ، و«من» الداخلةُ على الظروف غير المتصرّفة أكثرها بمعنى «في» نحو : جئت من قبلك ومن بعدك ، و «مِن بَيْنِنَا وَ بَيْنِكَ حِجَابٌ»۵ وأمّا نحو : جئت من عندك ، «فَهَبْ لِى مِن لَّدُنكَ»۶ فلابتداء الغاية ، والمتصرّف من الظروف ما لم يلزم انتصابه بمعنى «في» أو