505
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

إذا تناولته فيتعدّى إلى مفعول واحد ، وتقول : ائتخذوا في القتال بهمزتين ؛ أي أخذ بعضهم بعضا ، والاتّخاذ افتعال أيضا من الأخذ ، إلّا أنّه اُدغم بعد تليين الهمزة وإبدال التاء .
وقد يستعمل «اتّخذ» بمعنى «أخذ» فيتعدّى إلى مفعول واحد ، وقد يستعمل بمعنى قريبٍ من معنى «صيّر» وهو تناول الشيء على أن يكون شيئا آخر ، فيجعل الشيئان مفعولين له ، نحو قوله : «اتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً»۱ ، وقد يُحذف المفعول الأوّل . وما نحن فيه يحتمل أن يكون منه ؛ أي لا تتّخذوا أحدا وليجة ، وأن يكون من المتعدّي إلى واحد ، وكذا قوله تعالى : «أَأَتِّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً»۲ ، و«من» بمعنى «في» و«دون» ظرف غير متصرّف بمعنى وراء ، فمعنى من دون اللّه : في وراء اللّه ، كأنّ الاتّخاذ في مكان وراء اللّه ؛ أي لم يعلم اللّه به . ويرجع حاصل المعنى إلى انتفاء نصّهِ ، تعالى اللّهُ عن المكان وعن الغفلة .
ويحتمل أن تكون «من» للسببيّة و«دون» ظرفا بمعنى وراء ومتصرّفا ؛ لما يلحقه من معنى غير ، كما تقول : فعلته بدون تفريط ولا إفراط ، فمعنى من دون اللّه : بغير اللّه ، بمعنى بغير نصّه .
وقال الرضيّ رحمه الله ۳ :
المراد بغير المتصرّف من الظروف ما لم يستعمل إلّا منصوبا بتقدير «في» أو مجرورا بـ «من» . وقد ينجرّ متى بإلى وحتّى ۴ أيضا ، وينجرّ أين بإلى أيضا مع عدم تصرّفهما ، و«من» الداخلةُ على الظروف غير المتصرّفة أكثرها بمعنى «في» نحو : جئت من قبلك ومن بعدك ، و «مِن بَيْنِنَا وَ بَيْنِكَ حِجَابٌ»۵ وأمّا نحو : جئت من عندك ، «فَهَبْ لِى مِن لَّدُنكَ»۶ فلابتداء الغاية ، والمتصرّف من الظروف ما لم يلزم انتصابه بمعنى «في» أو

1.النساء (۴) : ۱۲۵ .

2.يس (۳۶) : ۲۳ .

3.في حاشية النسخ : «في شرح الكافية في بحث المفعول فيه (منه)» .

4.في «ج» : + «بغير المتصرف» .

5.الروم (۳۰) : ۵ .

6.مريم (۱۹) : ۵ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
504

مَا بَيْنَ النَّارِ وَالطِّينِ ، وَلَوْ قَاسَ نُورِيَّةَ آدَمَ) . المراد بها الجوهر الذي خلق اللّه منه آدم، وهو الماء العذب، كما مضى في ثامن عشر الباب .
(بِنُورِيَّةِ النَّارِ) ، هي الماء الملح الاُجاج .
(عَرَفَ فَضْلَ مَا بَيْنَ النُّورَيْنِ ، وَصَفَاءَ) أي زيادة صفاء (أَحَدِهِمَا عَلَى الْاخَرِ) .
الحادي والعشرون : (عَلِيٌّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ قُتَيْبَةَ ، قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنْ مَسْأَلَةٍ ، فَأَجَابَهُ فِيهَا ، فَقَالَ الرَّجُلُ : أَ رَأَيْتَ) ؛ بهمزة الاستفهام وفتح التاء للمخاطب ؛ أي أخبرني، وأصله من الرأي .
(إِنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا ، مَا كَانَ يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهَا ؟ فَقَالَ لَهُ : مَهْ ) ؛ بفتح الميم وسكون الهاء اسم فعل ؛ أي اسكت ، وأكثر استعماله بمعنى اترك .
(مَا أَجَبْتُكَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ ، فَهُوَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، لَسْنَا مِنْ أَ رَأَيْتَ فِي شَيْءٍ) . لعلّه عليه السلام علم من قوله : «أرأيت» ، أنّ مراده طلب الفتوى بالرأي والاجتهاد ، فصرّح بأنّا لسنا من أهل الرأي في شيء من الأحكام ، والمراد بقوله عليه السلام : «أرأيت» لفظ أرأيت، وهو في حكم الاسم، ولذا أدخل عليه «مِن» ، والمراد ممّن يُقال له: أرأيت . 1
الثاني والعشرون : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلاً ، قَالَ : قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : لَا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِيجَةً) .
إشارة إلى قوله تعالى في سورة التوبة : «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ» 2 . المجاهدة هنا مجاهدة مع النفس ؛ لأنّ النفوس تنزع إلى اتّباع الرأي واتّخاذ الوليجة بدون نصّ اللّه ، ولا نصّ رسوله ، ولا نصّ الأئمّة السابقين ، ولا سيّما إذا كانت الدُّنيا مع الوليجة ، فقوله : «ولم يتّخذوا» عطف تفسيرٍ تقول : أخذت الشيء ـ كنصر ـ :

1.وحقِّ العبارة: والمراد لسنا ممن يقال له أرأيت.

2.التوبة (۹) : ۱۶ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95761
صفحه از 602
پرینت  ارسال به