بعد حديث العلماء والفقهاء من قول أبي جعفر عليه السلام : «إنّما يعرف القرآن مَن خُوطب به» . ۱
وإن اُريد أنّه تبيان لكلّ شيء بالنسبة إلى أذهان الرعيّة أيضا ، فهو بتوسّط المحكمات التي هي اُمّ الكتاب . وفي سورة يونس : «وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ»۲ أي تفصيل كلّ ما يليق بأن يكتب . وفي سورة يوسف : «مَا كَانَ حَدِيثا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»۳ أي تفصيل كلّ ما يليق بأن يفصّل .
قال بعض المخالفين :
فإن قلت : كيف كان القرآن تبيانا لكلّ شيء ؟ ۴
قلت : المعنى أنّه بيّن كلّ شيء من اُمور الدِّين حيث كان نصّا على بعضها ، وإحالةً على السنّة حيث اُمِر فيه باتّباع رسول اللّه وطاعته ، وقيل : «يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى»۵ وحثّا على الإجماع في قوله : «وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ»۶ ، ورضي رسول اللّه لاُمّته اتّباع أصحابه والاقتداء بآثارهم في قوله : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» ۷ وقد اجتهدوا وقاسوا ووطّأوا طرق القياس والاجتهاد ، فكانت السنّة والإجماع والقياس والاجتهاد مستندة إلى تبيان الكتاب ، فمن ثمّ كان تبيانا لكلّ شيء . ۸ انتهى .
وفيه أوّلاً : أنّ القياس والاجتهاد لا يفيان بجميع الأحكام الواقعيّة التي لا يستنبطها فقهاؤهم من الكتاب والسنّة والإجماع ، وهم صرّحوا بأنّ مالكا سُئل عن أربعين مسألة
1.الكافى ، ج ۸ ، ص ۳۱۲ ، ح ۴۸۵ .
2.يونس (۱۰) : ۳۷ .
3.يوسف (۱۲) : ۱۱۱ .
4.في حاشية النسخ : «هو الزمخشري في الكشاف (منه)» .
5.النجم (۵۳) : ۳ .
6.النساء (۴) : ۱۱۵ .
7.جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ، ج ۲ ، ص ۷۸ و ۹۰ ؛ شرح نهج البلاغة ، ج ۲۰ ، ص ۱۱ و ۲۳ و ۲۸ ؛ هذا وللسيد علي الميلاني المعاصر رسالة في حديث أصحابي كالنجوم، مطبوعة سنة ۱۴۱۸ هجرية .
8.الكشّاف ، ج ۲ ، ص ۴۲۴ .