515
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(مَا خَلَقَ) أي ما قدّر (اللّهُ حَلَالاً وَلَا حَرَاما) . يشملان جميع الأحكام الشرعيّة ، فإنّ صحّة عقد بيع مثلاً يرجع إلى حلّيّة تصرّف المشتري ، وفساده يرجع إلى حرمة تصرّفه ، وهكذا .
(إِلَا وَلَهُ حَدٌّ) أي حاجز مميّز (كَحَدِّ الدَّارِ) أي لا يختلف باختلاف الاجتهادات ، أو معلوم عند أهله .
(فَمَا كَانَ مِنَ الطَّرِيقِ ، فَهُوَ مِنَ الطَّرِيقِ ) أي فغير داخل في الدار باجتهاد ، أو فمعلوم عند أهله .
(وَمَا كَانَ مِنَ الدَّارِ فَهُوَ مِنَ الدَّارِ) أي فغير داخل في الطريق باجتهاد ، أو فمعلوم عند أهله .
وهذا ردّ على المصوّبة من أهل الاجتهاد ؛ حيث يقولون : حكم اللّه تابع لظنّ المجتهد ۱ ، وعلى المخطّئة منهم أيضا ؛ لزعمهم أنّ بعض الأحكام ليس محدودا في الكتاب ولا في السنّة . ۲(حَتّى أَرْشِ الْخَدْشِ فَمَا سِوَاهُ ، وَالْجَلْدَةِ وَنِصْفِ الْجَلْدَةِ) . «حتّى» جارّة والظرف لغو متعلّق بالظرف في قوله : «له حدّ» . ويبعد كون «حتّى» عاطفة على ضمير «له» ؛ لوجوب إعادة الجارّ عند الأكثر في العطف على الضمير المجرور ، واختيار إعادة الجارّ عند الجميع في العطف بحتّى وإن كان عطفا على المظهر ؛ دفعا لتوهّم كونها جارّة ، نحو : مررت بالقوم حتّى بزيد . ۳
والأرش ـ بالفتح ـ : الدية ، والخدش ـ بفتح المعجمة وسكون المهملة ـ مصدر خدش جلده ـ كضرب ـ : إذا قشره بعود ونحوه ، والخدش اسم لذلك الأثر أيضا ،

1.حكاه الآمدي في الأحكام ، ج ۴ ، ص ۱۸۳ . في المسألة الخامسة عن القاضي أبي بكر وأبي الهذيل والجبائي وابنه .

2.المعروف عند الاُصوليّين أنّ المخطئة يقولون : ما من واقعة إلّا وفيها حكم معيّن ، وأنّه ما من حكم إلّا وقد نصب عليه دليل ، إمّا حجّة قاطعة ، أو أمارة ظنّية . الفصول الغروية ، ص ۴۰۶ .

3.اُنظر: شرح الرضي على الكافية ، ج ۴ ، ص ۲۷۶ ؛ مغني اللبيب ، ج ۱ ، ص ۱۲۸ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
514

ما زاد هذا المال إلّا نقص ؛ إذ لا يُراد زاد النقص .
(وَبَيَّنَهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه و آله ) . إشارةٌ إلى قوله تعالى في سورة القيامة : «فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ»۱
.
(وَجَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ) أي ممّا بيّنه في الكتاب (حَدّا ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ دَلِيلاً يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَجَعَلَ عَلى مَنْ تَعَدّى ذلِكَ الْحَدَّ حَدّا) .
الحدّ الحاجز بين شيئين ، وهو قسمان :
الأوّل : ما يحجز الشيء عن أن يشتبه بالشيء الآخر كالجدار بين أرضين .
والثاني : ما يحجز الشيء عن أن يرتكب الشيء الآخر كعقوبة الزاني . والمراد بالحدّ أوّلاً وثانيا القسم الأوّل ، والمراد بالحدّ ثالثا القسم الثاني .
وقوله : «جعل» ، أي في القرآن ، وضمير «عليه» للحدّ ، والمراد بالدليل الإمام الهدى ، أو الآيات البيّنات المحكمات الدالّة على إمامته ، أوالجامعة التي هي إملاء رسول اللّه صلى الله عليه و آله وخطّ عليّ عليه السلام ؛ ومآل الكلّ واحد .
والمراد بالتعدّي التجاوز في العمل أو في الإفتاء والقضاء .
فإن قلت : إذا حمل التعدّي على التعدّي في العمل دلَّ ظاهره على أنّه لا يجوز العمل إلّا مع يقين بالحكم الواقعي ، كما ذهب إليه بعض ، فإنّه لولاه لزم التعدّي عن حدّ ؟
قلت : لا دلالة ؛ لأنّ أحكام اللّه تعالى على قسمين : واقعيّة وواصليّة ، والاُولى كالعزيمة ، والثانية كالرخصة ؛ لعذر الجهل بالحكم الواقعي ، وقد بيّن كلاًّ منهما في الكتاب ، وجعل لكلّ منهما حدّا .
الثالث : (عَلِيٌّ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ أَبَانٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ هَارُونَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ) . يجيء مضمون هذا الحديث في «كتاب الحدود» في تاسع الأوّل . ۲

1.القيامة (۷۵) : ۱۸ ـ ۱۹ .

2.أي الحديث ۹ من باب التحديد .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 127490
صفحه از 602
پرینت  ارسال به