519
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

وليس من قبيل الاستدلال بالقياس المنهيّ عنه ؛ لأنّه استدلال بظاهر الخطاب ممّن يعلم أنّه لا صارف عنه .
(وَقَالَ :) في سورة المائدة : («لاتَسْئَلُواعَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ»۱) . يحتمل كون المراد بالأشياء الأحكام الشرعيّة ، وكون الجملة الشرطيّة صفة لأشياء .
بيان ذلك : أنّ الأشياء المجهولة من جملة أحكام الشرع بالنسبة إلى المكلّفين قسمان :
الأوّل ما علم المكلّف أمثالها ولم يعمل بها .
الثاني : ما ليس كذلك ، وهذه الآية للنهي عن السؤال عن القسم الأوّل ، موافقا لما مضى في رابع «باب استعمال العلم» من قوله : «لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ولمّا تعملوا بما علمتم» .
ويظهر بهذا أنّ السوء المبدوّ باعتبار ترك العمل به ، فإنّ الحجّة على العالم أشدّ منها على الجاهل ، كما مضى في سادس «باب استعمال العلم» وفي أحاديث «باب لزوم الحجّة على العالم وتشديد الأمر عليه» . وأئمّة أهل البيت عليهم السلام خارجون عن هذا الخطاب ، كما يجيء في أوّل الباب الآتي .
وروى مسلم عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم ، فإنّما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم» ۲ انتهى .
السادس : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنِ الْمُعَلَّى) ؛ بضمّ الميم وفتح المهملة وتشديد اللام والقصر . (بْنِ خُنَيْسٍ) ، بضمّ المعجمة وفتح النون وسكون الخاتمة ومهملة .
(قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : مَا مِنْ أَمْرٍ) أي من الحلال والحرام ، أو مطلقا ، كما يجيء في سابع الباب .

1.المائدة (۵) : ۱۰۱ .

2.صحيح مسلم ، ج ۷ ، ص ۹۱ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
518

مسارّة ، كما في سورة التوبة : «أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ»۱ ، وفي سورة الزخرف : «أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ»۲ .
قال الهروي في الغريبين ۳ : «أي من مرائهم وقد نجوت فلانا ، أي ناجيته ونجوته : إذا استنكهته» ۴ انتهى .
(«إِلَا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النّاسِ»۵) . الاستثناء منقطع ، وهو استثناء عن كثير ، والمضاف محذوف ، والتقدير نجوى من أمر . والمراد بالأمر الهداية إلى شيء والدعوة إليه ، والصدقة، بفتحتين : ما أعطيته في ذات اللّه كالزكاة ، والمراد هنا التصدّق . ويجيء في «كتاب الزكاة» في ثالث «باب القرض» في تفسير هذه الآية : «يعني بالمعروف : القرض» . والمراد بالإصلاح : رفع التنازع والاختلاف في الإفتاء ونحو ذلك ، و«بين الناس» متعلّق بالإصلاح .
(وَقَالَ :) في سورة النساء : («وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِى جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيامَا»۶) ؛ السفيه الخفيف العقل وعادمه والجاهل ، والمراد بالسفهاء هنا ما يشمل الفسّاق ، وقوله : «التي» صفة موضحة للتعليل ، والقيام والقوام بالكسر نظام الأمر وعماده وملاكه ، وظاهر الخطاب باعتبار التعليل أنّ كلّ ما فيه تضييع المال منهيٌّ عنه كإلقاء شيء في البحر بلا حاجة ، ويجيء في كتاب المعيشة في باب آخر منه في حفظ المال وكراهة الإضاعة ولا تأتمن شارب الخمر ، فإنّ اللّه عزّ وجلّ يقول في كتابه : «ولا تؤتوا» الآية ۷ ،

1.النساء (۴) : ۱۱۴ .

2.التوبة (۹) : ۷۸ .

3.الزخرف (۴۳) : ۸۰ .

4.يعني غريب القرآن والحديث لأبي عبيد أحمد بن محمد الهروي المتوفى سنة ۴۰۱ هجرية ، كما في كشف الظنون ، ج ۲ ، ص ۱۲۰۶ . وفي معجم البلدان ، ج ۱ ، ص ۳۲۲ : «باشان من قرى هراة منها أبو عبيد الهروي صاحب كتاب الغريبين» .

5.حكاه الراغب الإصفهاني في مفرداته ، ص ۴۸۴ عن بعضهم . وانظر: الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۵۰۱ (نجا) .

6.النساء (۴) : ۵ .

7.الكافي ، ج ۵ ، ص ۲۹۹ ، باب آخر منه في حفظ المال وكراهة الاضاعة ، ح ۱ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 124176
صفحه از 602
پرینت  ارسال به