(فِي وُجُوهِ أَهْلِهَا مُكْفَهِرَّةٌ) . الظرف متعلّق ب «مكفهرّة» وب «متهجّمة» ، فيقدّر مثله لما بعده ، وأهل الدنيا الراغبون إليها ، وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة ، أي في وجوهكم ، وفائدته بيان رغبتهم فيها والتفظيع ، فإنّ العبوس في وجه المحبّ الراغب نادر . والمكفهرّة بصيغة اسم الفاعل ، يقال : اكفهرّ زيد في وجهي ـ كاقشعرّ ـ أي نظر إلى وجهي بوجه عابس قطوب .
(مُدْبِرَةٌ غَيْرُ مُقْبِلَةٍ) ، أي مدبرة عن أهلها غير مقبلة إليهم ، وفائدة قوله : «غير مقبلة» التأكيد ، وأن لا يتوهّم أنّها مدبرة بوجه ومقبلة بوجه آخر ، ولا أنّها مدبرة في حين ومقبلة في حين آخر .
(ثَمَرَتُهَا الْفِتْنَةُ) . استئنافٌ بياني ، والفتنة : الاختلاف في الحكم بالظنون كما مرّ .
(وَطَعَامُهَا الْجِيفَةُ) ؛ بكسر الجيم : جثّة الميّت إذا أنتن ، استُعيرت للحرام ، وكانوا يأكلون الجيف وما هو كالجيف كالعِلهِز ، وهو شيء كانوا يتّخذونه في سِني المجاعة يخلطون الدم بأوبار الإبل ، ثمّ يشْوُونَهُ بالنار ويأكلونه ، وقد يخلطون فيه القِردان . ۱(وَشِعَارُهَا الْخَوْفُ ، وَدِثَارُهَا السَّيْفُ) . الشعار بكسر المعجمة : الثوب الذي يلي الجسد ؛ لأنّه يلي شعره ، والدثار بكسر ۲ المهملة : الثوب الذي فوق الشعار . ۳ والخوف بالشعار أنسب ؛ لأنّه في الباطن ، والسيف كالدثار في الظاهر ، والمراد سيف الأعداء ، ويحتمل سيف أنفسهم .
(مُزِّقْتُمْ) ؛ بصيغة المجهول من باب التفعيل من مزَق الثوب مزقا ـ كضرب ـ : خرقه ، ومزّقه تمزيقا للتكثير ، وهو استئناف لبيان الخوف والسيف فيهم .
(كُلَّ مُمَزَّقٍ) . مصدر كالتمزيق ، وهو مفعول مطلق اُقيم مضافُه ـ وهو «كلٌّ» ـ مقامَه ، واُعرب بإعرابه، وهذا للمبالغة في تفرّقهم ۴ في الآراء ، كان كلّ امرى ءٍ منهم إمام نفسه .