للتبيين ، ويكون المراد بالكتاب : جنس الكتب المتقدّمة .
(وَتَفْصِيلِ الْحَلَالِ مِنْ رَيْبِ الْحَرَامِ) . التفصيل : المبالغة في الفصل والتمييز ، والريب، بالفتح من باب ضرب إمّا بمعنى الشكّ ، فالإضافة إلى المفعول ، تقول : أرابني ـ بالألف ـ أمر فلان : إذا شكّك ، أي من احتمال كونه حراما ؛ وإمّا بمعنى الإيهام ، فالإضافة إلى الفاعل ؛ تقول : رابني أمر فلان : إذا أوهمك ما تكرهه ، وأفضى بك إلى سوء الظنّ به ؛ وإمّا بمعنى الحاجة ، فالإضافة إلى المفعول أيضا ، أي من الحاجة إلى الحرام . والحلال والحرام كما يكونان في الأحكام التكليفيّة يكونان في الأحكام الوضعيّة ، فيشملان جميع الأحكام ، وهذا تفسير لقوله تعالى في سورة يونس : «وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ»۱ ، بأنّ المراد تفصيل كلّ ما يليق بأن يكتب . وفي سورة يوسف : «مَا كَانَ حَدِيثا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»۲ .
(ذلِكَ) ؛ مبتدأٌ ، وهو إشارة إلى الأمر الجامع للأوصاف الثلاثة : كونه نسخة وتصديقا وتفصيلاً ، وهو على لغة من لا يتصرّف في الكاف الحرفيّة تصرّفَه في الكاف الإسميّة ، وإلّا لقال : «ذلكم» .
(الْقُرْآنُ) ؛ خبره ، ويمكن أن يكون «ذلك» عطف بيان لنسخة ، والقرآن صفة «ذلك» .
(فَاسْتَنْطِقُوهُ) . الاستنطاق إمّا بمعنى طلب النطق ، والفاء لجواب شرط محذوف ؛ أي وإن ارتبتم في كون القرآن كذلك فاستنطقوه ؛ أو للتفريع على كون القرآن كذلك ، وإمّا بمعنى عدّه ناطقا ، أي دالّاً على جميع ما ذكر ، والفاء للتفريع .
(وَلَنْ يَنْطِقَ لَكُمْ) ، يعني ليس نطق القرآن نطقه الحقيقي لغةً، أو ليس نطقه بالنسبة إليكم.
(أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ) أي إنّما استنطاقه المطلوب استنطاق من جعله اللّه تعالى قيّما له ، أو إنّما نطقه بالنسبة إلى القيّم .
(إِنَّ) ؛ بكسر الهمزة والتشديد ، ويمكن أن يكون بفتح الهمزة .