549
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

به : دخيل الملك ودُخْلُلُه ـ كقُنفذ ودِرهم ـ . ۱(كُلَّ يَوْمٍ) . المراد في أواخر عمره صلى الله عليه و آله ، أو في غير أيّام المفارقة للسفر .
(دِخْلَةً)۲ ؛ بكسر الدال للنوع ؛ أي دخولاً لاستيداع الأسرار ، ليس كسائر أفراد الدخول ؛ أو بفتح الدال للمرّة من الدخول العقلي .
(وَكُلَّ لَيْلَةٍ دِخْلَةً ، فَيُخْلِينِي) . الفاء للتفريع على الدخلة باعتبار ما يفهم من سابقه من كراهته صلى الله عليه و آله أن يطّلع سائر الأصحاب على ما لا ۳ يتعلّق بهم ولا بأهليهم من الشرائع والأسرار .
و«يخليني» من باب الإفعال يُقال : أخلى الملك زيدا : إذا اجتمع به في خلوة ۴ ؛ أي فيقيم سائر الأصحاب عنّي إن كان الدخول بمحضرهم . أو من باب التفعيل ، أي فيتركني ولا يمنعني من سؤال .
(فِيهَا) أي في الدخلة . و«في» للسببيّة أو للظرفيّة .
(أَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ) أي أتعلّم منه في كلّ ما أسأله عنه جميع جهاته المعلومة له ، أو جميع ما يقول فيه ، وهو ناظر إلى قوله : «وكان منهم» إلى آخره ، وهو إمّا جملةٌ حالٌ مقدّرة ، أو مقارنة عن مفعول الإخلاء ، أو استئناف بياني لنفس التخلية ، أو لعلّته ؛ فإنّ المفيد إذا رأى من المستفيد البلوغ إلى تفهّم كلّ ما يفيد ، كان ذلك باعثا للمفيد على الرخصة في السؤال عن كلّ ما يريد ، وإمّا مفرد بتقدير «أن» مع إعمالها النصب في «أدور» ، أو إهمالِها ، واللام مقدّرة ، أي الإخلاء لأن أدور ، أو هو مفعول ثان للتخلية ؛ لتضمين معنى الإعطاء .
(قَدْ۵عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله أَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ ذلِكَ) أي الإخلاء أو التخلية المذكور . ويحتمل أن يكون إشارة إلى التمكين من الدخلة كلّ يوم وليلة وما يتبعها .

1.ترتيب إصلاح المنطق لابن السكيت الأهوازي ، ص ۱۵۵ (دخلل) ؛ لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۴۲۵ (جلح) .

2.في الكافي المطبوع : «دَخلةً» بفتح الدال .

3.في «ج» : - «لا» .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۲۵ (خلا) ؛ تاج العروس ، ج ۱۹ ، ص ۳۸۵ (خلو) .

5.في الكافي المطبوع : «وقد» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
548

(فَيَسْأَلَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ) أي عمّا لا يتعلّق بالأصحاب أنفسهم ، ونُهوا عن السؤال عنه .
(حَتّى يَسْمَعُوا) أي يسمعوا الجواب في المشتبه ويفهموا ، وإنّما أحبّوا سؤالهما لأنّهما يستقصيان في السؤال الشقوق والاحتمالات ولا يتأدّبان ، فرجوا أن يكرّر عليه السلام الجواب عليهما ، ويوضح المشتبه لهما ؛ لبُعدهما من الفهم فيفهموا .
وروى مسلم عن نوّاس بن سمعان قال : أقمت مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بالمدينة سنة ما يمنعني من الهجرة إلّا المسألة ، كان أحدنا إذا هاجر لم يسأل رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن شيء . ۱ انتهى .
وقال شارحه : معناه أنّه أقام بالمدينة كالزائر من غير نقله أهله ۲ إليها من وطنه لاستيطانها ، وما منعه من ـ الهجرة وهي الانتقال من الوطن إليها ۳ ـ إلّا الرغبة في سؤال رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن اُمور الدِّين ، فإنّه صلى الله عليه و آله كان يسمح بذلك للزائرين ۴ دون المهاجرين ، وكان المهاجرون يفرحون بسؤال الغرباء من الأعراب . ۵ انتهى .
(وَقَدْ كُنْتُ) . هذا لبيان أنّه لم يكن حكم اللّه تعالى فيه كحكمه في سائر الأصحاب ، كيف لا ونهي سائر الأصحاب عمّا نهوا عنه من السؤال لم يكن إلّا لإعلاء شأنه ، وللفرق بينه وبينهم ، ولكشف سرّ قوله عليه السلام : «أنا مدينة العلم وعليٌّ الباب» ۶ ، لِمَ لَمْ يصرّح اللّه تعالى بالمراد في القرآن وأتى بالمتشابهات ؟
(أَدْخُلُ عَلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ) . ليس المراد الدخول الجسمي ، بل العقلي ؛ لئلّا ينافي قوله فيما بعد : «فربما كان» إلى آخره ، ومنه يُقال لمن يداخل الملك في اُموره ويختصّ

1.صحيح مسلم ، ج ۸ ، ص ۷ ، باب صله الرحم وتحريم قطيّعتها .

2.في المصدر : - «أهله» .

3.في المصدر : «واستيطان المدينة» بدل : «إليها» .

4.في المصدر : «سمح بذلك للطائرين» بدل «يسمح بذلك للزائرين» .

5.شرح مسلم للنووي ، ج ۱۶ ، ص ۱۱۱ .

6.المستدرك للحاكم النيسابوري ، ج ۳ ، ص ۱۲۶ ، باب أنا مدينة العلم وعليّ بابها ؛ مجمع الزوائد ، ج ۹ ، ص ۱۱۴ ، باب في علمه عليه السلام ؛ المعجم الكبير ، ج ۱۱ ، ص ۵۵ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۳ ، ص ۱۴۸ ؛ فضائل علي عليه السلام ، ح ۳۶۴۶۳ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 127671
صفحه از 602
پرینت  ارسال به