(ثُمَّ جِئْتَنِي مِنْ قَابِلٍ) أي عام قابل (فَحَدَّثْتُكَ بِخِلَافِهِ ، بِأَيِّهِمَا كُنْتَ تَأْخُذُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : كُنْتُ آخُذُ بِالأَْخِيرِ ، فَقَالَ لِي : رَحِمَكَ اللّهُ) .
ذلك لأنّ الأخير موافق للحكم الواقعي في زمانه ، إمّا باعتبار العزيمة لحدوث شرط في المكلّف لم يكن قبل ، كالأمر بالخضاب بعد حدوث البياض في اللحية ، وإمّا باعتبار الرخصة ، كما ۱ في صورة حدوث ضرورة موجبة للتقيّة ، فلا ينافي ذلك التخيير في صورة العلم بالتساوي في الشروط وارتفاع الضرورة ، كما مرّ في ثامن الباب وتاسعه .
ولا ۲ منافاة بين هذا وبين ما يجيء في ثاني عشر الباب ؛ لأنّ ما يجيء فيه في صورة التنازع في حقوق الآدميّين ، وهذا في العبادات المحضة ، ويجيء مضمون هذا الحديث في «كتاب الإيمان والكفر» في سابع «باب التقيّة» .
الحادي عشر : (وَعَنْهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ) ؛ بفتح الميم وتشديد المهملة وألف ومهملة . (عَنْ يُونُسَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ ، عَنِ الْمُعَلَّى۳بْنِ خُنَيْسٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِذَا جَاءَ حَدِيثٌ) أي في العبادات المحضة (عَنْ أَوَّلِكُمْ وَحَدِيثٌ) أي مناقض للسابق (عَنْ آخِرِكُمْ ) .
المراد بالآخر من كان زمانه متأخّرا عن الأوّل ، سواء مات أم كان حيّا . ويحتمل أن يخصّ بالميّت فلا يشمل الحيّ .
(بِأَيِّهِمَا نَأْخُذُ ؟ فَقَالَ : خُذُوا بِهِ) . الضمير المفرد المجرور راجع إلى : «حديث عن آخركم» ، وقوله :
(حَتّى يَبْلُغَكُمْ عَنِ الْحَيِّ) ؛ بمنزلة الاستثناء .
(فَإِنْ بَلَغَكُمْ عَنِ الْحَيِّ ، فَخُذُوا بِقَوْلِهِ) . يظهر وجههُ ممّا مرّ في شرح السابق .