563
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الترجيحات ، وسنذكر في شرحه ما يوضح المقصود ، وأنّ هذه الترجيحات إنّما توجب عمل المتنازعين بإحدى الروايتين ، ولا توجب ولا تجوّز الإفتاء الحقيقي ولا القضاء الحقيقي ؛ لأنّ شيئا من الإفتاء الحقيقي والقضاء الحقيقي لا يجوز إلّا مع العلم بحكم اللّه الواقعي ، وشيء من هذه الترجيحات لا يفضي إلى العلم به .
وهذه الرواية تسمّى «مقبولة عمر بن حنظلة» ومعناه أنّ أصحابنا تلّقتها بالقبول ، وعليها المدار في العمل ؛ لتكرّرها في الاُصول .
ولا ينافي ذلك كون عمر بن حنظلة ممّن لم ينصّ الأصحاب فيه بجرح ولا تعديل .
(قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنْ رَجُلَيْنِ) . ذكرهما على سبيل المثال ، فيشمل امرأتين ومختلفين .
(مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ) أي اختلاف . وأصل النزع : الجذب ؛ لأنّ المتنازعين يجذب كلّ واحدٍ منهما المتنازع فيه إلى جهته ، إمّا بظنّ استحقاقه ، أو باعتقاد مبتدأ للاستحقاق ، أو بميل نفساني إلى المُتنازَع فيه .
وقد يكون المنازعة بعلم في أحدهما دون الآخر ، لكنّه غير مراد هنا ، وكذا ليس المراد هنا المنازعة بسبب إنكار أحدهما الحقّ المعلوم لهما ، بقرينة قوله فيما بعد : «ينظران» إلى قوله : «فإنّ الوقوف عند الشبهات خيرٌ من الاقتحام في الهلكات» ، ولا ينافي ذلك قوله فيما بعد : «في حقٍّ أو باطل» ، ولا قوله : «وإن كان حقّا ثابتا له» ، كما نوضحه في شرحهما .
(فِي دَيْنٍ) ؛ بفتح المهملة وسكون الخاتمة : ما في ذمّة أحد وله أجل ، وما لا أجل له فقرض .
(أَوْ مِيرَاثٍ) . ذكرهما على سبيل المثال ، ومثل هذا كثير في السؤالات ، فالمقصود بالسؤال حقوق الآدميين ، فيشمل الوقف على جماعة ، والوصيّة والفرج والزكاة والخمس ونحو ذلك بدون قياس ، والضابط ما يحتاج إلى التحاكم ، أو ما لا يكون من العبادات المحضة ؛ فلا يجري فيه التخيير الذي مضى في أحاديث الباب .
(فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ) أي من سلاطين الجور .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
562

(قَالَ : ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنَّا وَاللّهِ لَا نُدْخِلُكُمْ إِلَا فِيمَا يَسَعُكُمْ) . استئنافٌ بياني ؛ أي فيما ليس عليكم في العمل به عقاب في الآخرة ولا ضرر في الدنيا ، وهو إشارة إلى أنّ الاختلاف في الفتاوى ليس لاختلاف الاجتهاد ، بل لمصلحة دفع الضرر عنكم .
ودفع المنافاة بين هذا وبين ما مرَّ في الثامن والتاسع وما يجيء في الثاني عشر ظاهر ممّا مرّ في شرح السابق .
(وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : خُذُوا بِالْأَحْدَثِ) أي بدل : «خذوا به» .
الثاني عشر : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ) ؛ بضمّ المهملة وفتح الصاد المهملة وسكون الخاتمة . (عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ) .
في هذه الرواية بيان أنّه يجوز ويجب الترجيح بين الحديثين المتعارضين المرويّين في حقوق الآدميّين عن أهل البيت عليهم السلام لكن لا بالرأي ، بل بأحد سبعة وجوه على ترتيب خاصّ ، خمسة منها متعلّقة بسند الحديث ، واثنان متعلّقان بمتنه ، وبيان أنّه مع فقد ظهور شيء من هذه الترجيحات في حقوق الآدميين لا يجوز التخيير ، بل يجب التوقّف ، وظاهره أنّه لا يجري فيه القرعة التي تجيء في «كتاب النكاح» في ثاني «باب المرأة ۱ يقع عليها غير واحد في طهر» . ۲
ولا يخفى أنّ إجراء أحد هذه الترجيحات أو التوقّف في العبادات المحضة بهذه الرواية غير جائز ؛ لأنّه قياس ، وأنّ مورد الرواية التعارض بمعنى أن يكون كلّ منهما جامعا لشروط العمل ويجب العمل به لولا المعارض ، فخرج عمّا فرض الكلام فيه صورة كون القرآن موافقا لأحدهما ؛ لأنّ خبر الواحد في مقابلة القرآن لا يجوز العمل به ، سواء كان له معارض من الأخبار أم لم يكن ، ولذا لم يقدّم في هذه الرواية موافقة الكتاب في قوله : «ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب» إلى آخره ، على سائر

1.في الكافي المطبوع : «الجارية» .

2.في الكافي المطبوع : + «واحد» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 127549
صفحه از 602
پرینت  ارسال به