الترجيحات ، وسنذكر في شرحه ما يوضح المقصود ، وأنّ هذه الترجيحات إنّما توجب عمل المتنازعين بإحدى الروايتين ، ولا توجب ولا تجوّز الإفتاء الحقيقي ولا القضاء الحقيقي ؛ لأنّ شيئا من الإفتاء الحقيقي والقضاء الحقيقي لا يجوز إلّا مع العلم بحكم اللّه الواقعي ، وشيء من هذه الترجيحات لا يفضي إلى العلم به .
وهذه الرواية تسمّى «مقبولة عمر بن حنظلة» ومعناه أنّ أصحابنا تلّقتها بالقبول ، وعليها المدار في العمل ؛ لتكرّرها في الاُصول .
ولا ينافي ذلك كون عمر بن حنظلة ممّن لم ينصّ الأصحاب فيه بجرح ولا تعديل .
(قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام عَنْ رَجُلَيْنِ) . ذكرهما على سبيل المثال ، فيشمل امرأتين ومختلفين .
(مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ) أي اختلاف . وأصل النزع : الجذب ؛ لأنّ المتنازعين يجذب كلّ واحدٍ منهما المتنازع فيه إلى جهته ، إمّا بظنّ استحقاقه ، أو باعتقاد مبتدأ للاستحقاق ، أو بميل نفساني إلى المُتنازَع فيه .
وقد يكون المنازعة بعلم في أحدهما دون الآخر ، لكنّه غير مراد هنا ، وكذا ليس المراد هنا المنازعة بسبب إنكار أحدهما الحقّ المعلوم لهما ، بقرينة قوله فيما بعد : «ينظران» إلى قوله : «فإنّ الوقوف عند الشبهات خيرٌ من الاقتحام في الهلكات» ، ولا ينافي ذلك قوله فيما بعد : «في حقٍّ أو باطل» ، ولا قوله : «وإن كان حقّا ثابتا له» ، كما نوضحه في شرحهما .
(فِي دَيْنٍ) ؛ بفتح المهملة وسكون الخاتمة : ما في ذمّة أحد وله أجل ، وما لا أجل له فقرض .
(أَوْ مِيرَاثٍ) . ذكرهما على سبيل المثال ، ومثل هذا كثير في السؤالات ، فالمقصود بالسؤال حقوق الآدميين ، فيشمل الوقف على جماعة ، والوصيّة والفرج والزكاة والخمس ونحو ذلك بدون قياس ، والضابط ما يحتاج إلى التحاكم ، أو ما لا يكون من العبادات المحضة ؛ فلا يجري فيه التخيير الذي مضى في أحاديث الباب .
(فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ) أي من سلاطين الجور .