565
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

رشوة في العقاب ، وما يجيء في «كتاب القضايا 1 والأحكام» هكذا : «من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له ، فإنّما يأخذ سحتا» 2 وهو أظهر ، وبينهما اختلافات اُخرى ، وهذا ممّا يبطل قول من قال : إنّ كلّ رواية في الكافي ونحوه معلوم الصدور عن المعصوم . 3 (وَإِنْ) ؛ وصليّة .
(كَانَ) ؛ الضمير للمأخوذ .
(حَقّا) أي حقّا له في نفس الأمر .
(ثَابِتا لَهُ ) . الضمير لـ «ما» وهو تأكيد لقوله : «حقّا» والمراد أنّه لا يتغيّر استحقاقه عقاب السحت بكون المتنازع فيه حقّه في نفس الأمر ، ولو جعل تأسيسا ـ بأن يكون الثابت بمعنى المعلوم ، ويكون هذا بيانا لعموم النهي بحيث يشمل غير موضع المسألة التي سأله عنها ؛ لأنّ المسؤول عنه صورة النزاع لجهل المتنازعين كليهما بالمسألة ـ لم يكفِ للاستدلال عليه قوله :
(لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ ) أي بالتصديق بفتواه وقضائه المبنيّ على فتواه ، ولا دلالة في هذا على أنّه لا يجوز للمحقّ أخذ الحقّ في النزاع الذي ليس للجهل بالمسألة ، بل لإنكار أحدهما الحقّ المعلوم لهما بجبر الطاغوت بدون حكم ، وهذا كما يجوز أخذه بالتقاصّ .
(وَقَدْ أَمَرَ اللّهُ أَنْ يُكْفَرَ بِهِ) ؛ بصيغة المجهول من باب نصر ، والظرف قائم مقام الفاعل ، أو بصيغة المعلوم والفاعل ضمير مستتر راجع إلى الأخذ ، وعلى الأوّل حذف مفعول «أمر» للدلالة على العموم ، وعلى الثاني أمر بتقدير «أمره» وهو على التقديرين إشارة إلى الآيات التي نزل مضمونها في جميع كتب اللّه في الشرائع ، وفيها الأمر بترك اتّباع أهل الظنّ كآية سورة البقرة : «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ

1.في الكافي المطبوع : «القضاء» .

2.الكافي ؛ ج ۷ ، ص ۴۱۲ ، باب أدب الحكم ، ح ۵ .

3.لا يخفى عليك أنّ شارح هذا الكتاب قد كان ملتزما بصحة جميع روايات الكافي .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
564

(وَ إِلَى الْقُضَاةِ ) . الواو هنا بمعنى «أو» كما يجيء في «كتاب القضايا والأحكام» في خامس «باب كراهة ۱ الارتفاع إلى قُضاة الجور» .
ويحتمل أن يكون ذكر الواو هنا مبنيّا على أنّ سلاطين الجور يحيلون المتحاكمين إليهم إلى قضاتهم في الأكثر ، أو على أنّ التحاكم إلى قضاتهم تحاكم إلى السلطان الذي استقضاهم أيضا .
(أَيَحِلُّ ذلِكَ؟) أي التحاكم إليهم بقصد العمل بحكمهم .
(قَالَ : مَنْ تَحَاكَمَ إِلَيْهِمْ فِي حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ) . «في» للظرفيّة أو للسببيّة . والمراد على الأوّل : في زمان ظهور الحقّ كزمان استقلال النبيّ أو الإمام العدل ، أو في زمان ظهور الباطل كزمان تغلّب أئمّة الجور . والمراد على الثاني : لما يستحقّ أو ما لا يستحقّ .
(فَإِنَّمَا تَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ) ؛ على وزن لاهوت ، إلّا أنّه مقلوب ؛ لأنّه من «طغى» من باب ضرب ونصر وعلم ، ولاهوت غير مقلوب؛ لأنّه من لاه يليه ليها : إذا تستّر وعلا وارتفع بمنزلة الرغبوت والرهبوت .
والطاغوت كلّ رأس في الضلالة وأصله الشيطان ، ويُطلق على ما يزيّن الشيطان لهم أن يعبدوه من الأصنام وأئمّة الضلالة وقضاتهم الذين يستندون في أحكامهم إلى الرأي .
والطاغوت قد يكون واحدا وقد يكون جمعا .
(وَمَا يَحْكُمُ لَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ سُحْتا) . «ما» بمعنى «من» ، و ۲ عبّر به عنه إهانة . وضمير «يحكم» للطاغوت وضمير «له» لـ «ما» ، والفاء لتضمّن «ما» معنى الشرط .
والسحت، بضمّ السين المهملة وسكون الحاء المهملة وقد تُضمّ : الحرام جدّا ، واشتقاقه من السحت بفتح السين وهو الإهلاك والاستئصال . وسمّي سحتا لأنّه يسحت البركة ، أي يذهبها ، ويستعمل كثيرا في الرشوة في الحكم والشهادة ونحوهما ، وعلى هذا يكون فيه تشبيه ما يأخذه المتحاكم حينئذٍ بما يأخذه الحاكم

1.في الكافي المطبوع : «كراهية» .

2.في «د» : - «و» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 127473
صفحه از 602
پرینت  ارسال به