569
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

عنه أرشدك اللّه ووفّقك ۱ ـ إلى قوله عليه السلام ـ : وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة اللّه عليهم». ۲
ثمّ إنّ جواز حكم قاضي التحكيم ـ وهو من رضي المتحاكمان بحكمه ـ لا ينافي حظر حكم قاضي التحكّم ، وهو من له الدرّة والسجن بدون أن يكون منصوبا بخصوصه من جانب الإمام المفترض الطاعة ، كما يجيء في «كتاب القضايا والأحكام» في أحاديث «باب من حكم بغير ما أنزل اللّه عزّ وجلّ» .
(فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ) أي أحد المتحاكِمَين ، وهو من حكم عليه .
(مِنْهُ ، فَإِنَّمَا اسْتَخَفَّ بِحُكْمِ اللّهِ وَعَلَيْنَا رَدَّ ، وَالرَّادُّ عَلَيْنَا الرَّادُّ عَلَى اللّهِ) ؛ من حيث إنّهم اُمناء على أحكام اللّه ، وليسوا حكّاما من عند أنفسهم .
(وَهُوَ) . الضمير للرادّ علينا ، أو للرادّ على اللّه .
(عَلى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللّهِ) . الحدّ بالفتح : منتهى الشيء ، والمعنى أنّ الرادّ على اللّه استوفى شرائط الشرك كلّها ، ولم يقصر عن الشرك أصلاً ؛ نظير قول المصنّف في الخطبة : «ولهذه العلّة انبثقت على أهل دهرنا بثوق هذه الأديان الفاسدة والمذاهب المستبشعة التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلّها» .
وليعلم أنّ كلّاً من الإفتاء والقضاء على قسمين : إفتاء حقيقي ، وإفتاء غير حقيقي ؛ وقضاء حقيقي ، وقضاء غير حقيقي .
ومعنى الإفتاء الحقيقي الإبانة والإخبار عن حكم اللّه تعالى الواقعي في حقّ شخص في أمر ليعمل به ، ومعنى الإفتاء الغير الحقيقي رواية فتوى حقيقي عن العالم بالحكم الواقعي في حقّ شخص في أمر ليعمل بها .
والفرق بينه وبين الرواية المحضة أنّه يشترط في الأوّل علم الراوي بأنّ المرويّ جامع لشروط العمل به ، وأن تكون الرواية بلفظ مفهوم للمرويّ له ، سواء كان نفسَ لفظ فتوى العالم ، أو معناه بشروط مذكورة في محلّها ؛ بخلاف الثاني .

1.في المصدر : «وثبّتك» .

2.كمال الدين ، ص ۴۸۳ ، الباب ۴۵ ذكر التوقيعات ، ح ۴ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
568

طاعة ، كما مضى في ثاني «باب من عمل بغير علم» من قوله : «ولا معرفة إلّا بعمل» . والمراد هنا الطاعة ، أي طاع أحكامنا المعلومة له بأن يكون من الورعين .
إن قلت : هل يكفي ظنّهما اتّصافَ الناظر بالأوصاف الأربعة ، أم يشترط العلم ؟
قلت : يحتمل أن يكفي الظنّ ؛ لأنّه من محالّ أحكام اللّه تعالى ، وليس نفس حكمه ، فهو كقيم المتلفات في أنّه لا يحصل للناس العلم بها عادةً إلّا نادرا .
(فَلْيَرْضَوْا) ؛ الضمير للمتحاكمين وأمثالهما من الشيعة .
(بِهِ حَكَما) ؛ بالمهملة والكاف المفتوحتين ، أي قاضيا وإن كان غير حقيقي .
(فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِما) . الحاكم يستعمل في الأعمّ من المفتي والقاضي ، بخلاف الحَكَم ، فإنّ أكثر استعماله في القاضي ؛ فهذا إشارة إلى أنّ هذا يصلح للإفتاء الغير الحقيقي أيضا ، وليس المقصود بنسبة الجعل إلى نفسه إنشاء نفس الجعل حتّى يختصّ بزمانه ولا يتجاوز إلى زمننا ، فإنّ الجاعل حقيقةً هو اللّه تعالى «إِنِ الْحُكْمُ إِلَا لِلَّهِ»۱ ، بل المراد إنشاء شرطه لتربية الشيعة وتتميم سعي أبيه في إلقاء الأحاديث إلى الشيعة بحيث يبقى إلى ظهور القائم ، فإنّ أكثر الأحاديث عنهما صلوات اللّه عليهما ، أو هو إظهار للرِّضا بكونه حاكما لأنّه بإذن اللّه من حيث إنّه بعدما أدّى الأمانات إلى أهلها ، أي أقرَّ بإمامة أهل البيت المعصومين عليهم السلام ، كما في قوله تعالى في سورة النساء : «إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ»۲ .
ذكر ابن بابويه في كتاب كمال الدِّين وتمام النِّعمة :
حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام رضى الله عنه قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب قال : سألت محمّد بن عثمان العمري رضى الله عنه أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ ، فورد بالتوقيع ۳ بخطّ مولانا صاحب الزمان عليه السلام : «أمّا ما سألت

1.الأنعام (۶) : ۵۷ ؛ يوسف (۱۲) : ۴۰ و ۶۷ .

2.النساء (۴) : ۵۸ .

3.في المصدر : «التوقيع» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95874
صفحه از 602
پرینت  ارسال به