عنه أرشدك اللّه ووفّقك ۱ ـ إلى قوله عليه السلام ـ : وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة اللّه عليهم». ۲
ثمّ إنّ جواز حكم قاضي التحكيم ـ وهو من رضي المتحاكمان بحكمه ـ لا ينافي حظر حكم قاضي التحكّم ، وهو من له الدرّة والسجن بدون أن يكون منصوبا بخصوصه من جانب الإمام المفترض الطاعة ، كما يجيء في «كتاب القضايا والأحكام» في أحاديث «باب من حكم بغير ما أنزل اللّه عزّ وجلّ» .
(فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ) أي أحد المتحاكِمَين ، وهو من حكم عليه .
(مِنْهُ ، فَإِنَّمَا اسْتَخَفَّ بِحُكْمِ اللّهِ وَعَلَيْنَا رَدَّ ، وَالرَّادُّ عَلَيْنَا الرَّادُّ عَلَى اللّهِ) ؛ من حيث إنّهم اُمناء على أحكام اللّه ، وليسوا حكّاما من عند أنفسهم .
(وَهُوَ) . الضمير للرادّ علينا ، أو للرادّ على اللّه .
(عَلى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللّهِ) . الحدّ بالفتح : منتهى الشيء ، والمعنى أنّ الرادّ على اللّه استوفى شرائط الشرك كلّها ، ولم يقصر عن الشرك أصلاً ؛ نظير قول المصنّف في الخطبة : «ولهذه العلّة انبثقت على أهل دهرنا بثوق هذه الأديان الفاسدة والمذاهب المستبشعة التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلّها» .
وليعلم أنّ كلّاً من الإفتاء والقضاء على قسمين : إفتاء حقيقي ، وإفتاء غير حقيقي ؛ وقضاء حقيقي ، وقضاء غير حقيقي .
ومعنى الإفتاء الحقيقي الإبانة والإخبار عن حكم اللّه تعالى الواقعي في حقّ شخص في أمر ليعمل به ، ومعنى الإفتاء الغير الحقيقي رواية فتوى حقيقي عن العالم بالحكم الواقعي في حقّ شخص في أمر ليعمل بها .
والفرق بينه وبين الرواية المحضة أنّه يشترط في الأوّل علم الراوي بأنّ المرويّ جامع لشروط العمل به ، وأن تكون الرواية بلفظ مفهوم للمرويّ له ، سواء كان نفسَ لفظ فتوى العالم ، أو معناه بشروط مذكورة في محلّها ؛ بخلاف الثاني .