علم الآمر والناهي بالحكم الواقعي ولا علم المأمور والمنهيّ به ، جاز الجبر أو وجب وجوبا كفائيّا بشروط مقرّرة ، وإلّا لم يجز .
(قُلْتُ : فَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ۱اخْتَارَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِنَا ، فَرَضِيَا أَنْ يَكُونَا النَّاظِرَيْنِ فِي حَقِّهِمَا ، وَاخْتَلَفَا) أي الرجلان من أصحابنا (فِيمَا حَكَمَا ، وَكِلَاهُمَا اخْتَلَفَ۲فِي حَدِيثِكُمْ؟) .
المراد بالاختلاف هنا غير المراد به في سابقه ، فإنّ المراد بالسابق التناقض في الحكم ، وبهذا كثرة المشي إلى أبواب العلماء والأخذ عنهم ، وكثرة تصفّح الروايات وتعرّف معانيها .
(قَالَ : الْحُكْمُ مَا حَكَمَ بِهِ أَعْدَلُهُمَا وَأَفْقَهُهُمَا وَأَصْدَقُهُمَا فِي الْحَدِيثِ وَأَوْرَعُهُمَا ، وَلَا يَلْتَفِتْ إِلى مَا يَحْكُمُ بِهِ الْاخَرُ) .
ذكر أوصافا أربعة معا ، لأنّه قلّما ينفكّ بعضها عن بعض ، وفي الترتيب الذكري دلالة على أنّه على تقدير الانفكاك يقدّم كلّ سابق ذكرا على لاحقه ؛ إذ الكلام مفروض في حقوق الآدميين التي فيها تنازع ، فلا يمكن فيها التخيير والتوسيع ، فيكون الترجيح الأوّل بكون أحد الراويين أعدل ، والعدل سلوك القصد بلا ميلٍ إلى هوى ولا إلى إفراطٍ أو تفريط ، ويكون في كلّ شيء ، ومن جملته العدل في القضاء ، وهو ترك ۳ الميل إلى أحد المتنازعين ، كما في قوله تعالى في سورة النساء : «أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ»۴ .
والميل قد يكون طبيعيّا بسبب القرابة ، أو المصاحبة القديمة ، أو نحو ذلك ، وعلى تقدير التساوي في العدالة يكون الترجيح الثاني بكون أحد الراويين أفقه ، ومضى معنى الفقه ۵ في سابع الثاني ۶ ، وعلى تقدير التساوي في الفقه أيضا يكون الترجيح
1.النساء (۴) : ۵۸ .
2.في حاشية «أ» والكافي المطبوع : «رجل» .
3.في حاشية «أ» : «اختلفا» .
4.في «د» : «عدم» .
5.في حاشية «أ» : «وهو لغة بمعنى العلم المفضي إلى العمل بمقتضاه» .
6.أي الحديث ۷ من باب فرض العلم ووجوب طلبه والحثّ عليه .