575
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

تخصيص العموم بأخبار الآحاد بقوله : «والذي أذهب إليه أنّه لا يجوز تخصيص العموم بها على كلّ حال» إلى قوله : «ما دلّ على عمل الطائفة المحقّة بهذه الأخبار من إجماعهم على ذلك لم يدلّ على العمل بما يخصّ القرآن ، ويحتاج في ثبوت ذلك إلى دلالة» ۱ انتهى .
(يُرَدُّ) ؛ بصيغة المجهول من باب نصر ، ولفظه خبر ، ومعناه الأمر بالردّ ، يُقال : ردّه إلى زيد : إذا راجع فيه إلى زيد وقَبِلَ قوله فيه ؛ وردّه على زيد : إذا خطّأ زيدا فيه ولم يقبل قوله فيه .
(عِلْمُهُ) أي العلم برشده وغيّه .
(إِلَى اللّهِ وَإِلى رَسُولِ اللّهِ۲صلى الله عليه و آله ) أي لا تستقلّ العقول بالعلم فيه ، ولا يكفي الظنّ ؛ إنّما يكفي الظنّ في إدخال فعل شخصي تحت موضوع قاعدة فقهيّة فرعيّة ، كقيم المتلفات ومقادير الجراحات ، وهذا مأخوذ من قوله تعالى في سورة النساء : «فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ»۳ ، فإنّ ما لم يعلم رشده ولا غيّه من الأفعال الكلّيّة كان ممّا يتنازع في رشده وغيّه باعتبار نفس أحكام اللّه تعالى الفقهيّة ، لا باعتبار محالّها فقط .
والردّ إلى الرسول لأجل أنّه مبلِّغ لحكم اللّه ، لا لأجل أنّه حاكم من عند نفسه أو برأيه ، بدليل قوله تعالى في سورة الشورى : «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَىْ ءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللّهِ»۴
، وعليه يحمل قوله تعالى في سورة النساء : «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ»۵ .
ويعلم من هذا أنّه يجب ردّ ۶ ما لم يعلم من جهتهما إلى أئمّة أهل البيت عليهم السلام لا لأجل

1.عدة الاُصول ؛ ج ۱ ، ص ۳۵۰ ، وفي طبعة اُخرى ، ج ۲ ، ص ۱۳۸ .

2.في الكافي المطبوع : «رسوله» .

3.النساء (۴) : ۵۹ .

4.الشورى (۴۲) : ۱۰ .

5.النساء (۴) : ۶۵ .

6.في «ج» : + «على».


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
574

ولا ينافي هذا وجوب العمل بالمجمع عليه في العبادات المحضة أيضا إذا اتّفق النظر والتتبّع ، وحصَلَ العلم بأنّ أحدهما شاذّ والآخر مجمع عليه ، وكذا الكلام في نظائر هذا الترجيح مثل ما يجيء ۱ من قوله : «ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامّة» .
(وَإِنَّمَا الْأُمُورُ) . ذكر الواو هنا يشعر بأنّ هذا إلى قوله : «من حيث لا يعلم» استدلال آخر ، والمراد بالاُمور ما يبلغنا عن الحجج المعصومين .
(ثَلَاثَةٌ :) أي ثلاثة أقسام :
(أَمْرٌ بَيـِّنٌ رُشْدُهُ) ؛ بالضمّ وبفتحتين مصدر رشد ـ كنصر وعلم ـ إذا اهتدى وكان على الطريق المفضي إلى المطلوب ؛ أي بيّن كونه صوابا جائز العمل به ، مثل ما اتّفقت الطائفة المحقّة على العمل بمثله في موضعه .
(فَيُتَّبَعُ) ؛ بصيغة المجهول من باب الافتعال ، ولفظه خبر ، ومعناه الأمر بالاتّباع ، والضمير المستتر راجع إلى «أمر» .
(وَأَمْرٌ بَيـِّنٌ غَيُّهُ) . الغيّ بفتح المعجمة وتشديد الخاتمة : الضلالة ، وهي الخروج عن السبيل المفضي إلى المطلوب ، أي بيّن ضلاله وحظر العمل به ، مثل ما اتّفقت الطائفة المحقّة على رفضه ، كرواية الغلاة والمتّهمين بالكذب . ۲(فَيُجْتَنَبُ) ؛ بصيغة المجهول من باب الافتعال ، ولفظه خبر ، ومعناه الأمر بالاجتناب ، والضمير لأمر ؛ أي لا يعمل به .
(وَأَمْرٌ مُشْكِلٌ) أي ليس بيّنا رشده ولا بيّنا غيّه ؛ مثل ما لم يعلم هل عملت الطائفة المحقّة بمثله في موضعه ، أم لا؟ ومنه الخبر الشاذّ النادر إذا عارضه المجمع عليه فيجب طرحه والعمل بالمجمع عليه ؛ لأنّ الطائفة المحقّة اتّفقوا على العمل بمثله في موضعه .
وهذا نظير ما ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله في عدّة الاُصول في فصل في ذكر

1.سيجيء في هذا الحديث بعد صفحات .

2.في «د» : + «لها» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95824
صفحه از 602
پرینت  ارسال به