579
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(الرَّشَادُ) ؛ بفتح الراء : خلاف الضلالة ؛ أي ففيه موافقة الكتاب والسنّة ، نظير ما ورد في النساء من قوله عليه السلام : «شاوروهنّ وخالفوهنّ» . ۱(فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَإِنْ وَافَقَهَا)۲ أي وافق العامّة (الْخَبَرَانِ جَمِيعا) بأن تكون المسألة بين العامّة مختلفا فيها .
(قَالَ : يُنْظَرُ) ؛ بصيغة المجهول ، والنظر هنا بمعنى الالتفات ، ويمكن أن يكون بمعنى الاختيار لكن للترك .
(إِلى مَا هُمْ) أي العامّة (إِلَيْهِ أَمْيَلُ) . وقوله :
(حُكَّامُهُمْ) ؛ بدل البعض من الكلّ ، والمبدل منه الضمير المنفصل ، ويحتمل أن يكون خبرا عن مبتدأ محذوف ، وتكون الجملة معترضة ، أي المعيار حكّامهم بمعنى سلاطينهم .
(وَقُضَاتُهُمْ ، فَيُتْرَكُ ، وَيُؤْخَذُ بِالْاخَرِ) ، يعني الترجيح السابع بكون إحدى الروايتين مخالفة للمشهور عند حكّام العامّة وقضاتهم دون الاُخرى ، وهم في زمننا إلى فتاوى أبي حنيفة أميل منهم إلى فتاوى الشافعي ، وإلى فتاوى الشافعي أميل منهم إلى فتاوى أحمد ومالك ، فيمكن أن يكون المعيار زمن الإمام وأن يدخل فيه زمننا أيضا .
(قُلْتُ : فَإِنْ وَافَقَ حُكَّامُهُمُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعا) أي بدون أن يكونوا أميل إلى أحدهما .
(قَالَ : إِذَا كَانَ ذلِكَ ، فَأَرْجِهْ) . الإرجاء : التأخير ، أي أخّر النزاع الذي هو للجهل بالمسألة . ويحتمل أن يكون الضمير راجعا إلى الدَّين أو الميراث ، والمقصود أنّه لا يجوز للمدّعي أخذ ما يدّعيه من المدّعى عليه كما في الدين إلّا بالصلح ، وإذا كان المال في يد ثالث أو في دار نسبتهما إليها على سواء ، أو نحو ذلك ـ كما في الميراث ـ لا يجوز أخذ أحد المتنازعين له إلّا بالصلح ، أمّا إذا كان النزاع لا للجهل بالمسألة ، بل

1.المبسوط للسرخسي ، ج ۱۴ ، ص ۴۴ ؛ شرح نهج البلاغة ، ج ۱۸ ، ص ۱۹۹ ؛ عوالياللآلي ، ج ۱ ، ص ۲۸۹ ، ح ۱۴۸ .

2.في الكافي المطبوع : «وافقهما» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
578

على ذلك كما تقرّر في محلّه . ولم يفهم الراوي هذه الإشارة أو فهم وطلب زيادة التصريح ، ولذا قال :
(قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَرَأَيْتَ ، إِنْ كَانَ الْفَقِيهَانِ عَرَفَا حُكْمَهُ مِنَ الْكِتَابِ) . «عرفا» بالعين المهملة المفتوحة والراء المهملة المفتوحة والفاء ، من المعرفة وهي العلم ، فلابدّ من كون المراد بالحكم الحكم الواصلي ، وذلك بأن يكون مثلاً ظاهر آية موافقا لأحدهما، وظاهر آية اُخرى موافقا للآخر، وكلّ منهما يعتقد أنّ تأويل الاُخرى أسهل، ونظيره ما قالوا في الجمع بين الاُختين في ملك اليمين من أنّ عموم قوله تعالى : «وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ»۱ يقتضي حرمته ، وعموم قوله تعالى : «وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»۲ يقتضي حلّه ، ورووا عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : «أحلّتهما آية ، وحرّمتهما اُخرى ، وأنا أنهى عنهما نفسي وولدي» . ۳ ويجيء في «كتاب النكاح» في أوّل «باب الأمة يشتريها الرجل وهي حُبلى» نظيرٌ آخَرُ ، ويجيء فيه في ثامن «باب نوادر» بعد «باب أنّ ۴ مَن عفّ عن حرم الناس عفَّ حرمه» أنّ مثل هذه العبارة عنه عليه السلام لبيان الحرمة حين خشي أن لا يطاع ، وليس المراد بالحكم الحكم الواقعي ، فإنّ العلمين لا يتعلّقان بالمتنافيين .
(وَالسُّنَّةِ) ، أي المقطوع بها من السنّة .
(وَوَجَدْنَا أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ مُوَافِقا لِلْعَامَّةِ ، وَالْاخَرَ مُخَالِفا لَهُمْ ، بِأَيِّ الْخَبَرَيْنِ يُؤْخَذُ؟ قَالَ : مَا) ؛ في محلّ الجرّ ؛ أي يؤخذ بما . ويحتمل أن يكون في محلّ الرفع على الابتداء.
(خَالَفَ الْعَامَّةَ ، فَفِيهِ) . الفاء لتعليل الأخذ بما خالف العامّة كما هو الظاهر من نقل المصنّف ما في معناه في الخطبة ، ويحتمل أن يكون خبر مبتدأ ؛ والمآل واحد .

1.النساء (۴) : ۲۳ .

2.النساء (۴): ۳۶ .

3.تهذيب الأحكام ، ج ۷ ، ص ۲۸۹ ، ح ۱۲۱۵ ؛ الاستبصار ، ج ۳ ، ص ۱۷۲ ، ح ۶۲۸ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۲۰ ، ص ۴۸۳ ، ح ۲۶۱۴۹ ؛ السنن الكبرى ، ج ۷ ، ص ۱۶۴ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۶ ، ص ۵۱۵ ، ح ۴۵۶۹۶ .

4.في «ج» : - «أنّ» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95743
صفحه از 602
پرینت  ارسال به