مَن هَدى مَن يليق بالهداية إلى صراطٍ مستقيم والجنّة .
(الْحَمْدُ لِلّهِ الْمَحْمُودِ) . الحمد بالفتح والمحمدة ـ بكسر الميم الثانية وفتحها من باب علم ـ : ضدّ اللوم والملامة ، فلا يكون إلّا بالقول وما يجري مجراه ، فهو الوصف بالجميل الاختياري على جهة التعظيم والتبجيل ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه أو قوله :
(لِنِعْمَتِهِ) . النعمة بالكسر: مصدر «نعم» كعلم بمعنى أنعم ، وبالفتح الاسم من التنعّم . وإنّما خصّها بالذِّكر ـ مع أنّ الباعث على الحمد وهو الذي يسمّى المحمود له والمحمود عليه أيضا أعمّ من النعمة وغيرها ـ لأنّ المقصود هنا بيان ما وقع في سورة الحمد من الابتداء بالحمدللّه لجلب نعمته واستجابة الدعاء في قوله : «اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ» .
ويجيء في «كتاب الدعاء» في الأوّل والسادس من «باب التحميد والتمجيد» أنّ تقديم الحمد وسيلة استجابة الدعاء ، فالمراد بنعمته هنا التوفيق لسلوك الصراط المستقيم، وهو العمل عن علم مستفاد من اللّه ورسوله ، لا عن رأي وظنّ ، كما في سورة النساء : «وَمَنْ يُطِعْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ...»۱ .
وهذا طريقة الأخباريّين من الشيعة الإماميّة ، كما يجيء في الخطبة في شرح : «والشرط من اللّه جلّ ذكره فيما استعبد به خلقه أن يؤدّوا جميع فرائضه بعلمٍ ويقين وبصيرة» .
ويظهر منه أنّ المغضوب عليهم عبارة عن المفتين عن ظنّ من اليهود والنصارى وأمثالهم ، والضالّين عبارة عن المقلّدين منهم كما في آية ۲ سورة التوبة : «اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابا مِنْ دُونِ اللّهِ ...»۳ . ويجيء في «كتاب العقل» في أوّل كتاب