(الْمَرْهُوبِ) أي المخوف (لِجَلَالِهِ) أي لأنّه يجلّ عن النقص وعن القبيح ؛ يقال : جلّ عن كذا : إذا لم يتّصف به ؛ لأنّه نقص أو قبيح ، أي سواء كان في صفات ذات ـ كالصورة والتخطيط ـ أم صفات فعل كالظلم ، وهو وضع الشيء في غير موضعه . وهو إشارة إلى أنّه تعالى يعذّب البتّة مَن كان العفو عنه ظلما من العُصاة ، كما في قوله تعالى في سورة الأنفال : «ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ»۱ ، وتفصيله وبيان مفهوم المبالغة في الآية في حواشينا على عدّة الاُصول .
(الْمَرْغُوبِ إِلَيْهِ) . الظرف في مقام الفاعل . (فِيمَا عِنْدَهُ) هو خزائن السماوات والأرض .
(النَّافِذِ أَمْرُهُ فِي جَميعِ خَلْقِهِ) . «أمره» إشارة إلى ما في سورة يس: «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»۲ .
(عَلَا فَاسْتَعْلى) . هذا إلى قوله : (منظر) مذكور في «كتاب الروضة» في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام . ۳ والمراد بالعلوّ هنا استجماع جميع صفات الكمال والبراءة من كلّ نقص وقبيح ، والفاء للتعقيب ، والاستعلاء إظهار العلوّ بخلق العالم . وهذا إشارة إلى الحديث القدسي : «كنتُ كنزا مخفيّا ، فأحببت أن اُعرف ، فخلقت الخلق كي اُعرف» . ۴(ودَنَا) أي من أذهان الخلق لتحقّق شواهد ربوبيّته في كلّ مخلوق ، موافقا لقوله تعالى : «أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِى مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِنْ شَىْ ءٍ»۵ فيتيسّر العلم بربوبيّته تعالى لكلّ مكلّف .
(فَتَعَالى) أي عن أن يجري فيه شكّ أو شبهة ، فليس جحد الجاحدين إلّا بمحض اللسان والمكابرة . والفاء هنا يحتمل التعقيب والتفريع .