91
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

وقوله : «ليهلك» إلى آخره مأخوذ من سورة الأنفال .
(وَلِيَعْقِلَ الْعِبَادُ عَن رَبِّهِمْ مَا جَهِلُوا۱؛ فَيَعْرِفُوهُ بِرُبُوبِيَّتِهِ بَعْدَ مَا أنْكَرُوهُ) المراد بالعباد المؤمنون باللّه ورسله، ويجيء معنى العقل عن اللّه في ثاني عشر أوّل ۲ «كتاب العقل» عند قوله : «لم يخف اللّه من لم يعقل عن اللّه » ۳ .
و«ما جهلوا» عبارة عن أحكام الدِّين من الحلال والحرام وغيرهما ، وضمير الجمع في «فيعرفوه» للعباد.
والربوبيّة ـ بضمّ المهملة وضمّ الموحّدة والواو الساكنة والموحّدة المكسورة والخاتمة المشدّدة ـ : المالكيّة لكلّ شيء والحكومة في كلّ نزاع . و «ما» مصدريّة ، وضمير الجمع في «أنكروه» لخلقه ، ويحتمل أن يكون للعباد بأن يقال : معرفة ربوبيّته تعالى على قسمين :
الأوّل : معرفته مجملاً ، وهو حاصل لكلّ مكلّف ، كما في قوله تعالى في سورة الأعراف : «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا»۴ .
الثاني : معرفته تفصيلاً ؛ أي معرفة أحكامه في الحلال والحرام وفي كلّ نزاع .
والمراد هنا القسم الثاني ، وهو غير حاصل لأحد من الناس إلّا بوحي أو رسول ، كما يجيء في ثاني أوّل «كتاب الحجّة» . ۵ فكلّ مكلّف جاهل وغير عارف للقسم الثاني من ربوبيّته تعالى بدون وحي أو رسول .
وعلى الاحتمال الثاني يكون هذا الكلام إشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة : «كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ»۶ إلى آخره ، بناءً على أن يكون المراد بكون

1.في «ج، ذ» و الكافي المطبوع: «جهلوه».

2.أي الحديث ۱۲، من كتاب العقل.

3.في «أ» : + «بربوبيّته».

4.الأعراف (۷) : ۱۷۲ .

5.أي الحديث ۲ من الباب الأوّل من كتاب الحجّة، وهو «باب الاضطرار إلى الحجة».

6.البقرة (۲): ۲۱۳.


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
90

(الْعُقُولُ أَنْ) أي عن أن (تَبْلُغَ غَايَةَ نِهَايَتِهِ) . الغاية بالمعجمة والخاتمة : الراية ، واستعيرت هنا للتشخّص. والنهاية بكسر النون: الآخر. والمراد بنهايته هنا مائيّته وحقيقته ؛ فالمراد ببلوغ غايتها العلم بتشخّصها .
(لَايَبْلُغُهُ حَدُّ) ؛ مصدر، أي حدّة . (وَهْمٍ ، وَلَا يُدْرِكُهُ) أي على الوجه الجزئي والهاذيّة . (نَفَاذُ) ؛ بفتح النون وفاء وألف ومعجمة : جواز الشيء عن الشيء بعد دخوله فيه . (بَصَرٍ) . بفتحتين: حسّ العين ونظر القلب وخاطره .
(وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصيرُ۱اِحْتَجَّ عَلى خَلْقِهِ) أي مخلوقيه المبطلين، أو مخلوقيه مطلقا. (بِرُسُلِهِ ، وَأَوْضَحَ الأُْمُورَ بِدَلَائِلِهِ) .
الاُمور: جمع «أمر» : الحادثات ، والمراد هنا متشابهات كتب اللّه تعالى بقرينة قوله : «أوضح» ، فإنّ الإيضاح إنّما يتعلّق بالمشتبه ، وضمير دلائله للّه . والمراد بالدلائل بعض من كتاب اللّه يفسّر بعضا آخر ، وإنّما اُضيف إلى اللّه لا إلى الاُمور للإشعار بأنّ دلالة ذلك البعض معلومة ۲ للّه . ولا يطّلع عليها أحد إلّا بالتحديث في ليالي القدر ونحوها فيما يحتاج إليه الرسول أو الإمام في كلّ سنة .
(وَابْتَعَثَ الرُّسُلَ) ؛ بضمّتين جمع «رسول» بمعنى مرسَل، ولم يأت فعول بمعنى مفعَل في اللغة إلّا نادرا ، كما أنّ النبئ بالهمز ـ والمختار التشديد ـ فعيل بمعنى مفعل، وهو نادر. والإرسال: التوجيه، وكذا الابتعاث. وإرسال اللّه الرسل أمرُه إيّاهم بالإبلاغ إلى مَن أرسلهم إليه، وسيجيء تفسير الرسول والنبيّ في «باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمّة عليهم السلام » من «كتاب الحجّة» .
(مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ؛«لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَىَّ عَنْ بَيِّنَةٍ»۳ ) أي مبشّرين للاُمّة بالأوصياء العالمين بجميع الأحكام، ومنذرين للاُمّة بالعذاب على منكري الأوصياء وتابعي الظنّ؛ «لِئَلَا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ»۴ كما في سورة النساء .

1.في الكافي المطبوع : «العليم» .

2.في «د ، ج» : «معلوم» .

3.الأنفال (۸) : ۴۲ .

4.النساء (۴) : ۱۶۵ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 119969
صفحه از 602
پرینت  ارسال به