(وَأَبْلَجَ) ؛ بالموحّدة والجيم بصيغة الماضي المعلوم من باب الإفعال ، أي أظهر ؛ يقال : بلج الصبح إذا أضاء . ۱(بِهِمْ عَنْ سَبِيلِ مَنَاهِجِهِ) . جمع «منهج» : الطريق الواضح . والمراد هنا مسائل الحلال والحرام ونحوهما في الشرع . وسبيل مناهجه : طريقة سؤال أهل الذِّكر عن كلّ مشتبه . والمراد أنّه لولاهم لم يتصحّح طريقة سؤال أهل الذكر المأمور به في سورة النحل وسورة الأنبياء «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»۲ .
(وَفَتَحَ) ؛ بصيغة الماضي المعلوم من المجرّد .
(بِهِمْ عَنْ بَاطِنِ يَنَابِيعِ عِلْمِهِ) . جمع «ينبوع» ـ بفتح الخاتمة وسكون النون وضمّ الموحّدة وسكون الواو ومهملة ـ : عين الماء . والمراد هنا الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ وعن الاختلاف عن ظنّ ، وباطنها السرّ الذي يبتني عليه تلك الآيات ، وهو وجوب إمام عالم بجميع ما يحتاج إليه الرعيّة في كلّ زمان ، فإنّه لولا ذلك السرّ لبطلت تلك الآيات :
ويعبّر عن ذلك الإمام بذكر اللّه كما في سورة الزمر : «اللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابا مُتَشَابِها مَثَانِىَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللّهِ»۳ ، وفي سورة الرعد : «أَلَا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»۴ .
(وَجَعَلَهُمْ مَسَالِكَ لِمَعْرِفَتِهِ) أي طرقا لها لا تحصل المعرفة بأنّه تعالى حاكم كلّ نزاع ومالك كلّ شيء بدون التمسّك بذيلهم .
(وَمَعَالِمَ لِدِينِهِ) . في بعض النسخ : «مسالكا» و«معالما» بالتنوين فيهما ، وهو لمناسبة «حُجَّابا» . وقيل : التنوين للتعظيم ، أي طائفة من المسالك ومن المعالم ؛ إذ لا يلاحظ في هذا الاعتبار معنى الجمعيّة ، بل إنّما يلاحظ كونها واحدة من المراتب الجمعيّة ، كما