99
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(وَأَبْلَجَ) ؛ بالموحّدة والجيم بصيغة الماضي المعلوم من باب الإفعال ، أي أظهر ؛ يقال : بلج الصبح إذا أضاء . ۱(بِهِمْ عَنْ سَبِيلِ مَنَاهِجِهِ) . جمع «منهج» : الطريق الواضح . والمراد هنا مسائل الحلال والحرام ونحوهما في الشرع . وسبيل مناهجه : طريقة سؤال أهل الذِّكر عن كلّ مشتبه . والمراد أنّه لولاهم لم يتصحّح طريقة سؤال أهل الذكر المأمور به في سورة النحل وسورة الأنبياء «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»۲ .
(وَفَتَحَ) ؛ بصيغة الماضي المعلوم من المجرّد .
(بِهِمْ عَنْ بَاطِنِ يَنَابِيعِ عِلْمِهِ) . جمع «ينبوع» ـ بفتح الخاتمة وسكون النون وضمّ الموحّدة وسكون الواو ومهملة ـ : عين الماء . والمراد هنا الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ وعن الاختلاف عن ظنّ ، وباطنها السرّ الذي يبتني عليه تلك الآيات ، وهو وجوب إمام عالم بجميع ما يحتاج إليه الرعيّة في كلّ زمان ، فإنّه لولا ذلك السرّ لبطلت تلك الآيات :
ويعبّر عن ذلك الإمام بذكر اللّه كما في سورة الزمر : «اللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابا مُتَشَابِها مَثَانِىَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللّهِ»۳ ، وفي سورة الرعد : «أَلَا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»۴ .
(وَجَعَلَهُمْ مَسَالِكَ لِمَعْرِفَتِهِ) أي طرقا لها لا تحصل المعرفة بأنّه تعالى حاكم كلّ نزاع ومالك كلّ شيء بدون التمسّك بذيلهم .
(وَمَعَالِمَ لِدِينِهِ) . في بعض النسخ : «مسالكا» و«معالما» بالتنوين فيهما ، وهو لمناسبة «حُجَّابا» . وقيل : التنوين للتعظيم ، أي طائفة من المسالك ومن المعالم ؛ إذ لا يلاحظ في هذا الاعتبار معنى الجمعيّة ، بل إنّما يلاحظ كونها واحدة من المراتب الجمعيّة ، كما

1.ترتيب كتاب العين ، ج ۱ ، ص ۱۸۶ (بلج) .

2.الأنبياء (۲۱) : ۷ .

3.الزمر (۳۹) : ۲۳ .

4.الرعد (۱۳) : ۲۸ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
98

في «كتاب الحجّة» في أوّل «باب أنّ الأئمّة عليهم السلام نور اللّه عزّ وجلّ» من قوله : «لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار» .
(فِي مَعَادِنِ أَهْلِ صَفْوَتِهِ) . الظرف حال نوره ، وهو مفعول بواسطة حرف الجرّ ، والمعدن كمجلس في الأصل ما خُلِق فيه الجوهر من ياقوت ونحوه ؛ من عَدَنَ بالمكان كضَرَبَ ، إذا أقام به ؛ سمّي لإثبات اللّه تعالى الجوهر فيه . ۱
والصفوة ـ مثلّثةَ الصاد ـ : الخالص ، والضمير للّه . والمراد بصفوته محمّد ، وبأهل صفوته المؤمنون به ، وبمعادنهم أوصياؤه ، فإنّهم مستودعوا الأسرار والعلم بجميع القرآن .
(وَمُصْطَفَيْ) ؛ بفتح الفاء وسكون الياء ، أصله «مصطفين» حذفت النون بالإضافة .
(أَهْلِ خِيَرَتِهِ) الخيرة بالكسر كعنبة اسم المصدر من قولك : «اختاره اللّه » .
قيل : والفرق بين المصدر واسمه ۲ أنّ المصدر يدلّ على الحدث بنفسه ، واسم المصدر يدلّ على الحدث بواسطة المصدر ، فمدلول المصدر معنى ۳ ، ومدلول اسم المصدر لفظ المصدر . ۴ انتهى .
والضمير للّه ، والمراد بخيرته محمّد صلى الله عليه و آله ، وبأهل خيرته المؤمنون به ، وبمصطفيهم أوصياؤه .
(فَأَوْضَحَ اللّهُ تَعَالى بِأَئِمَّةِ الْهُدى مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا عَنْ دِينِهِ) . يجيء مضمون هذا إلى قوله : «دعائم الإسلام» في «كتاب الحجّة» في ثاني باب الخامس عشر . ۵ والفاء لتفصيل قوله : «أراد من استكمال دينه» إلى آخره .
الإيضاح : الإظهار ، والتعدية بعن لتضمين معنى الكشف ، ودينه الإسلام ، وهو مساوق لترك اتّباع الظنّ والاختلاف عن ظنّ . والمراد أنّه لولاهم لقبح التكليف بالإسلام .

1.اُنظر: النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۹۲ ؛ مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۱۳۵ (عدن) .

2.في حاشية «أ» : «القائل الأزهري في التصريح شرح التوضيح، في مبحث المفعول المطلق (منه دام ظلّه)» .

3.في «أ ، د» : + «الحدث» .

4.حكى هذا الفرق السيّد عليّ القزويني في تعليقته على معالم الاُصول ، ج ۲ ، ص ۴۷۱ .

5.أي الحديث ۲، من باب نادر جامع في فضل الأئمة وصفاته.

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 119795
صفحه از 602
پرینت  ارسال به