على الآخَر كما هو واضح ، وعلى الثالث فليعلم أوّلاً : أنّ الإختلاف بكون المزيد صحيحاً وغيرِه ضعيفاً غيرُ معقول ، فانحصر الأمر بالعكس كما لو كان الشخص الزائد ضعيفاً . فعلى فرض تسليم غير المزيد مرسلاً يلغو أيضاً ذلك البحثُ عند القائل بعدم حجّيّة المراسيل ؛ لضعف السند على الوجهين . وكذا عند القائل بالحجّيّة ؛ لاعتبار الخبر من هذه الجهة . فجعل المقام من باب تعارض الجارح والمعدِّل ، وإبداء الفارق في مقام الجواب ممّا لا نرى له وجهاً ؛ فتدبّر جدّاً .
ومنها : المختلف ، وهو أن يوجد حديثان متضادّان في المعنى ظاهراً .
والوصف بالاختلاف إنّما هو بالنظر إلى صنفه لا إلى شخصه ؛ فإنّ الحديث الواحد نفسه ليس بمختلف بل إنّما هو مخالف لغيره .
وذكروا أنّ حكمه الجمع بينهما حيث يمكن ، ولو بوجه بعيد يوجب تخصيص العامّ منهما أو تقييد مطلقه أو حمله على خلاف ظاهره ، وإلاّ يمكن الجمع فإن علمنا أنّ أحدهما ناسخ قدّمناه كما في الأخبار النبويّة ، وإلاّ رُجّح أحدهما بالوجه المقرّر في علم الأُصول من صفة الراوي والرواية والكثرة وغيرها .
وقالوا : إنّه أهمّ فنون علم الحديث ولا يملك القيام به إلاّ المحققّون من أهل البصائر المتضلّعون من الفقه والأُصول .
وقد صنّف فيه الناس كثيراً أوّلهم الشافعي ۱ ومن أصحابنا الشيخ أبو جعفر الطوسي ؛ فإنّ مبنى استبصار ه على الجمع بين ما اختلف من الأخبار .
وأنت خبير بأنّه لا دليل على لزوم الجمع ولاعلى جواز بناء العمل على أيّ جمع اتّفق ولاسيّما إذا كان بالوجه البعيد .
والتحقيق أنّه إن كان شاهد على الجمع أوصار أحد الخبرين بفهم العرف قرينةً صارفة للآخَر عن ظاهره لا بدّ من الأخذ به كما في صلاة العاري للأوّل ،