وهو فنّ مهمّ من علم الحديث يجب التثبّت فيه أشدَّ تثبّتٍ ؛ لانتشار اللغة وكثرة معاني الألفاظ الغريبة ، فربما ظهر معنى مناسب للمراد والمقصود غيره ممّا لم يقع الوصول إليه .
وأوّل من صنّف فيه قيل : إنّه أبو عبيده معمّر بن المثنّى ۱ ، وقيل : غيره . ۲
ثمّ تصدّى لذلك جمع وتبعهم غيرهم بزوائدَ وفوائدَ كابن الأثير فإنّه بلغ في ذلك النهايةَ ، ثمّ الزمخشري ففاق في الفائق كلّ غاية والهروي في غريبيه غريب القرآن مع الحديث وغير من ذكر من العلماء .
ومنها : المقبول، وهو الحديث الذي تلقّوه بالقبول والعمل بمضمونه من غير التفات إلى صحّته وعدمها . وبهذا الإعتبار يدخل هذا النوع في القسم المشترك .
ويمكن بملاحظة أنّ الصحيح مقبول مطلقاً إلاّ لعارضٍ جعله من أنواع الضعيف ، ووهنه ظاهر ؛ فإنّ الصحيح كما يطرؤه عدم القبول لعارض كذا الضعيف والموثّق والحسن ـ عند من لا يعمل بها ـ قد يطرؤه القبول لعارض ، فوصف المقبولة مشترك بين الأقسام ، فلا وجه للاختصاص .
وذلك كمقبولة عمر بن حنظلة في حال المتخاصمين وأمرهما بالرجوع إلى رجل من أصحابنا قد روى أحاديثهم وعرف أحكامهم ؛ فإنّها مع اشتمال سندها على محمّد بن عيسى وداود بن الحصين الضعيفين وعمر بن حنظلة وهو ممّن لم ينصّ أصحاب الرجال فيه بجرح ولا تعديل قبل الأصحاب متنها وعملوا بمضمونها ، بل جعلوها عمدة التفقّه واستنبطوا منها شرائطه كلّها .
وهذه ثمانيةَ عَشَرَ قسماً من الأقسام المشتركة بين الأقسام ووجه الإشتراك بعد التأمّل واضح .