الراشحة الرابعة والعشرون
[ في ألفاظ السعي والغيّ والرشد ]
ممّا يجب التنبيه عليه في هذا الموضع لئلاّ يتورّط في الخطأ المتنطّعون ولايتمرّن على الغلط المتعلّمون أنّ غير المتثقّفين في العربيّة من فضلاء العصر يقولون في مثل هذا المقام : «محمّد بن يحيى الرازي الذي سعى على أبي يحيى الجرجاني ، وابن البغوي الذي سعى على أبي يحيى الجرجاني ، وإبراهيم بن صالح الذي سعى على أبي يحيى الجرجاني» ولايستشعرون أنّ هذه مِنَ السعاية المتعدّية ب «الباء» و«إلى» معاً في استعمال واحد لا من السعي بمعنى العَدْوِ والعمل والكسب وولاية الأمر ، المتعدّي تارة ب «إلى» وتارة ب «اللام» وتارة ب «على» ، ويعلم الضّابط في ذلك ممّا ننقله عن أئمّة اللسان . قال الجوهري في الصحاح :
سعى الرجل سعياً إذا عدا ، وكذلك إذا عمل وكسب . وكلّ من ولي شيئاً على قوم فهو ساعٍ عليهم . وأكثر ما يقال في ولاة الصدقة وهم السُعاة . والمَسعاة : واحدة المساعي في الكرم ۱ والجود . والسِّعو بالكسر : الساعة من الليل . وسُِعْواء مثله . وساعاني فلان فَسَعَيتُهُ أَسْعيهِ إذا غَلَبْتَه فيه . وسعى به إلى الوالي : إذا وشى به . ۲
وقال ابن الأثير في النهاية :
كلّ من ولي أمر قوم فهو ساعٍ عليهم . وفيه : إذا أتيتم الصلاة فلاتأتوها وأنتم تسعون» . «السعي» العَدْو ، وقد يكون مشياً ، ويكون عملاً وتصرّفاً ، ويكون قصداً . وقد تكرّر في الحديث . فإذا كان بمعنى المُضيّ عُدّي ب «إلى» وإذا كان بمعنى العمل عدّي باللاّم . ومنه حديث عليّ عليه السلام في ذمّ الدنيا : «من ساعاها فاتته» . أي سابقها . ۳
1.ما أثبتناه من المصدر ولكن في النسخ : «الكلام» بدل «الكرم» .
2.الصحاح ۴ : ۲۳۷۷ «س . ع . ى» .
3.في حاشية المخطوطة : «المسابقة في قوله : «سابقها» مفاعلة من السبق بمعنى الغلبة ، ومنه قوله عزّ من قائلٍ في التنزيل الكريم : «وما نحن بمسبوقين على أن نبدّل أمثالكم» أي بمغلوبين . (منه دام ظلّه العالي)» .