وهناك سؤال مشهور وهو أنّ العمل بالحديث الضعيف في المسنونات والمستحبّات ينافي ما تقرَّر عند العلماء واستقرّت عليه الآراء ، من عدم ثبوت الأحكام بالأحاديث الضعيفة ، وعدم جواز العمل بما لادليل عليه من الشرع .
والجواب عنه : أنّ التعويل في هذا الباب على ما ورد في المستفيض المشهور من طرق العامّة ۱ والخاصّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمأنّه قال : «من بلغه شيء من أعمال الخير فعمل به أعطاه اللّه ذلك وإن لم يكن على ما بلغه» . ۲
ومن طريق آخر :
من بلغه عن اللّه فضيلة فأخذها وعمل بها إيماناً باللّه ورجاءَ ثوابه ، أعطاه اللّه تعالى ذلك وإن لم يكن كذلك . ۳
وما رواه رئيس المحدّثين في الصحيح ـ ويعدّه غير المتثقّف حسناً بإبراهيم بن هاشم ـ عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلامقال ، قال : «من سمع شيئاً من الثواب على شيءٍ فصنعه ، كان له أجره وإن لم يكن على ما بلغه» . ۴
فالعمل والتمسّك هناك في الحقيقة على العموم بهذا الحديث الصحيح ، وذاك المستفيض المشهور لابخصوصيّات الأحاديث الضعيفة .
وإذ هذا الصحيح وذاك المستفيض متخصّصا المنطوقِ والمفهومِ بالفضائل والمثوبات والنوافل والمندوبات ؛ فلذلك اختصّ جواز العمل بالحديث الضعيف بما يكون في مستحبّات أبواب العبادات ؛ ومن ثَمّ ترى الأصحاب ـ رضوان اللّه تعالى عليهم ـ في كتبهم الاستدلاليّة ربّما يحتجّون في سنن العبادات ووظائف المستحبّات بأحاديثَ من طرق العامّة .
1.كنز العمّال ۱۵ : ۷۹۱ ، ح ۴۳۱۳۲ ؛ تاريخ بغداد ۸ : ۲۹۶ / ۴۳۹۸ .
2.الإقبال : ۶۲۷ . بتفاوت يسير . وبمعناها روايات في وسائل الشيعة۱ : ۸۰ ـ ۸۲ باب ۱۸ من أبواب مقدّمة العبادات .
3.عدّة الداعي : ۹ ـ ۱۰ .
4.الكافي ۲ : ۸۷ / ۱ ، باب من بلغه ثواب من اللّه على عمل .