189
الرواشح السماوية

وهناك سؤال مشهور وهو أنّ العمل بالحديث الضعيف في المسنونات والمستحبّات ينافي ما تقرَّر عند العلماء واستقرّت عليه الآراء ، من عدم ثبوت الأحكام بالأحاديث الضعيفة ، وعدم جواز العمل بما لادليل عليه من الشرع .
والجواب عنه : أنّ التعويل في هذا الباب على ما ورد في المستفيض المشهور من طرق العامّة ۱ والخاصّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمأنّه قال : «من بلغه شيء من أعمال الخير فعمل به أعطاه اللّه ذلك وإن لم يكن على ما بلغه» . ۲
ومن طريق آخر :
من بلغه عن اللّه فضيلة فأخذها وعمل بها إيماناً باللّه ورجاءَ ثوابه ، أعطاه اللّه تعالى ذلك وإن لم يكن كذلك . ۳
وما رواه رئيس المحدّثين في الصحيح ـ ويعدّه غير المتثقّف حسناً بإبراهيم بن هاشم ـ عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلامقال ، قال : «من سمع شيئاً من الثواب على شيءٍ فصنعه ، كان له أجره وإن لم يكن على ما بلغه» . ۴
فالعمل والتمسّك هناك في الحقيقة على العموم بهذا الحديث الصحيح ، وذاك المستفيض المشهور لابخصوصيّات الأحاديث الضعيفة .
وإذ هذا الصحيح وذاك المستفيض متخصّصا المنطوقِ والمفهومِ بالفضائل والمثوبات والنوافل والمندوبات ؛ فلذلك اختصّ جواز العمل بالحديث الضعيف بما يكون في مستحبّات أبواب العبادات ؛ ومن ثَمّ ترى الأصحاب ـ رضوان اللّه تعالى عليهم ـ في كتبهم الاستدلاليّة ربّما يحتجّون في سنن العبادات ووظائف المستحبّات بأحاديثَ من طرق العامّة .

1.كنز العمّال ۱۵ : ۷۹۱ ، ح ۴۳۱۳۲ ؛ تاريخ بغداد ۸ : ۲۹۶ / ۴۳۹۸ .

2.الإقبال : ۶۲۷ . بتفاوت يسير . وبمعناها روايات في وسائل الشيعة۱ : ۸۰ ـ ۸۲ باب ۱۸ من أبواب مقدّمة العبادات .

3.عدّة الداعي : ۹ ـ ۱۰ .

4.الكافي ۲ : ۸۷ / ۱ ، باب من بلغه ثواب من اللّه على عمل .


الرواشح السماوية
188

اعتضادٌ إمّا بالشهرة روايةً ، وإمّا بإفتاء العلماء بمضمونه .
والحقّ أنّ روايته ـ على التساهل في ذكر ضعف السند ـ إنّما المنع عن تسويغها في الإلهيّات ومسالكها والربوبيّات ومعارفها، وبالجملة، حقائقِ العدل والتوحيد وما يتعلّق بالعقائد الإيمانيّة وحِكَمها وأسرارها . وأمّا في أبواب الشرائع والأحكام ومايتعلّق بالأعمال والأفعال فسائغة على الإطلاق ، لكنّ العمل به غير سائغ فيما عدا المسنونات والمندوبات والترهيبات والترغيبات إلاّ مع معاضدة الشهرة أو الفتوى .
وفي علماء العامّة وفي أصحابنا أيضاً مَن يُخرج عن كلّ مَن لم يُجمَع على تركه ، ويسوّغ العملَ بالمخرَج عنه ، وفيهم من يسوّغ إخراج الضعيف ولو عن مُجْمَع على تركه ، ويُجَوِّز العملَ به إذا لم يوجَد في الباب غيرهُ ؛ لأنّه يراه أقوى من العمل بالقياس والرأي .
وروى الدارِميّ عن الشَّعبي قال : «ما حدّثك هؤلاء عن النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمفخذبه ، وما قالوه برأيهم فألقه في الحشّ ۱ » . ۲
وقال النوويّ في كتاب الأذكار : «قال العلماء من الفقهاء والمحدّثين ۳ . . . »

1.في حواشي النسخ : «قال ابن الأثير في النهاية : الحُشوش : الكُنُف ومواضع قضاء الحاجة ، الواحد : حَشّ ، بالفتح . وأصله من الحشّ : البستان ؛ لأنّهم كانوا كثيراً مّا يتغوّطون في البساتين . ومنه حديث عثمان : «أنّه دفن في حُشّ كوكب» . وهو بستان بظاهر المدينة خارجَ البقيع . ويجمع الحشُّ ـ بالفتح والضمّ ـ على حُشّان . ومنه الحديث : «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و سلم استخلى في حُشّان» . وفيه : «نهى أن تؤتى النساء في مَحاشّهنّ» . هي جمع مَحَشّة ، وهي الدبر . قال الأزهري : ويقال أيضاً بالسين المهملة ، كَنى بالمحاشّ عن الأدبار ، كما يُكْنى بالحشوش عن مواضع الغائط . انتهى قوله . وقال المطرّزي في المغرب : الحشّ : البستان ، ويُكْنى به عن المستراح ؛ لأنّهم كانوا يتغوّطون في البساتين . ومنه الحديث : «إنّ هذه الحشوش محتَضَرَة ، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل : أعوذ باللّه من الخُبُث والخبائث» . وهما جمع خبيث وخبيثة . والمراد شياطين الإنس والجنّ ذُكرانهم وإناثهم . والمَحشّة كناية عن الدبر ، ومنها الحديث : «إنّ النبيّ عليه السلام نهى أن تؤتى النساء في محاشّهنّ» . وروي بالسين . انتهى بألفاظه . وفي صحاح الجوهري : الحشّ ـ بالفتح والضمّ ـ : البستان . والجمع : الحِشّان . والحَشّ أيضاً : المخرج ؛ لأنّهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين . والجمع : حُشوش (منه مدّ ظلّه العالي)» .

2.سنن الدارمي ۱ : ۷۸ ح ۲۰۰ ، باب في كراهية أخذ الرأي .

3.في العبارة سقط ، وتمام كلام النووي على ما في كتاب الأذكار : ۱۵ : «قال العلماء من المحدّثين والفقهاء وغيرهم : يجوز ويستحبّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعاً» .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    الاولی
    پیوند معرفی کتاب :
    http://www.hadith.net/post/49603
تعداد بازدید : 91626
صفحه از 360
پرینت  ارسال به