241
الرواشح السماوية

والطيبي صاحب المشكاة من علماء العامّة في خلاصة معرفة الحديث ، وبعض شهداء المتأخّرين من أصحابنا في الدراية قالا :
إذا أسنده وأرسلوه ، أو وصله وقطعوه ، أو رفعه ووقفوه فهو كالزيادة ، ومقبول كما يقبل «المزيد» في المتن زيادةً غير منافية لجامع عدم المنافاة ؛ إذ يجوز أن يكون المسنِد ، أو الواصل ، أو الرافع قد اطّلع على ما لم يطّلع عليه المرسِل ، والقاطع ، والواقف ، فيقبل منه . ۱
قلت : الناقص يكون موجودا في «المزيد» بالزيادة ، والمرويُّ بالزيادة ، والمرويّ بالنقصان يكون كلاهما مقبولين ؛ ۲ لعدم التقابل بينهما ، ولا كذلك الإرسال بالقياس إلى الإسناد ، ولا القطع بالقياس إلى الوصل ، ولا الوقف بالقياس إلى الرفع ؛ لكونهما من المتقابلين تحقّقا .
وأيضا «المزيد» في الإسناد إنّما يكون بزيادة عدد الطبقات في السند ، ولايتصحّح ذلك إلاّ باشتماله على جميع طبقات الناقص إسنادا وزيادةً .
وأيضا القطع في المقطوع بإزاء طبقة في الموصول ، فإذن إنّما الصحيح أن يقال : إنّ الإسناد مقبول من المسنِد ، وكذلك الوصل من الواصل ، والرفع من الرافع ، لا أنّها كالزيادة في السند بالقياس إلى الإرسال والقطع والوقف .
فليتثبّت وليحتفظ ، وليعلم أنّه إذا تعارض إسناد وإرسال ، أو قطع ووصل ، أو وقف ورفع في حديث بعينه من شخصين ، أو من شخص واحد في وقتين ، فالذي هو الحقّ وعليه الأكثر ترجيح الإسناد ، والوصل ، والرفع .
وفيهم من يقول : الإرسال نوعُ قدحٍ في رواية المسنِد ، والقطعُ في رواية الواصل ، والوقفُ في رواية الرافع ، فمن يذهب إلى تقديم الجرح على التعديل يلزمه هاهنا أيضا تقديم المرسَل على المسنَد ، والمقطوع على الموصول ،

1.الخلاصة في أُصول الحديث : ۵۷ ؛ شرح البداية : ۴۲ .

2.كذا والصحيح : مقبولاً ؛ لأنّ خبر كلا وكلتا في جميع الحالات مفرد .


الرواشح السماوية
240

وزيادة الثقة ـ الواحد المتفرّد بروايتها ـ مقبولة ـ إذا لم تكن منافيةً لما رواه غيره من الثقات من دونها ، ولامخالفةً له أصلاً اتّفاقا من العلماء قولاً واحدا ـ ومردودة قولاً واحدا إذا كانت منافية لمرويّ سائر الثقات جميعا ، منافاةً باتّةً صرفة من كلّ وجه .
فأمّا إذا كانت على مرتبة بين المرتبتين ، والتخالف بينهما نوعا مّا من الاختلاف لمجرّد مخالفة العموم والخصوص ، بأن يكون المرويّ بغير زيادةٍ عامّا بدونها ، فيصيرَ بها خاصّا ، أو بالعكس ، فمذهب أكثر علماء الأُصول وأهل الحديث من الخاصّة والعامّة أنّها مقبولة معمول بها مطلقا ، سواء عليها أكانت من شخص واحد ـ بأن رواه مرّةً على النقصان وأُخرى بالزيادة ـ أم كانت من غير مَن رواه ناقصا .
وذلك كحديث : «وجُعلت لنا الأرض مسجدا وترابها طهورا» . ۱ أو«جعلت تربتها طهورا» . فهذه الزيادة قد تفرّد بها بعض الرواة . ۲ ورواية الأكثر ؛ بل من عدا ذلك الفارد قاطبةً لفظها : «وجعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا» . ۳
فما رواه الجماعة عامّ يتناول أصناف الأرض من التراب ، والرمل ، والحجر . ومرويّ الفارد المنفرد بالزيادة مختصّ بالتراب .
وفريق من علماء علم الحديث يردّها مطلقا .
وفِرْقٌ يردّها إذا كانت ممّن قد كان رواه ناقصا ، ويقبلها من غيره .
وإمّا هي في الطريق ، بأن يرويه بعضهم بإسنادٍ ذي طبقات ثلاث من رجال ثلاثة مثلاً ، فيزيد آخَرُ في الإسناد طبقة أُخرى ، ويُضيف إليهم رابعا ويرويه بإسناد مشتمل على طبقات أربع ، فهذا هو «المزيد» في الإسناد .

1.صحيح مسلم ۱ : ۳۷۱ ، ح ۵۲۲ ، الباب ۵ ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة .

2.هو أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي على ما قاله الطيبي في الخلاصة في أُصول الحديث : ۵۷ .

3.صحيح البخاري ۱ : ۱۲۸ ، ح ۳۲۸ ، الباب ۷ ؛ صحيح مسلم ۱ : ۳۷۱ ، ح ۵۲۳ ، الباب ۵ كتاب المساجد ومواضع الصلاة .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    الاولی
    پیوند معرفی کتاب :
    http://www.hadith.net/post/49603
تعداد بازدید : 91792
صفحه از 360
پرینت  ارسال به