257
الرواشح السماوية

بشهادته» كما قد نبّهناك عليه .
فكما أصل ثقة الرجل وجلالته أمر يثبت شرعا بشهادة مثل النجاشي ، أو الشيخ ، أو الكشّي ، أو الصدوق ، أو ابن الوليد ، أو غيرهم ـ مع السلامة عن المعارض ـ فكذلك كونه في الثقة وصحّة الرواية بحيث لايروي إلاّ عن الثقة ولايرسل إلاّ عن صحيح الحديث أمر يثبت بذلك ثبوتا يعتمد عليه في الشرع بتّةً ، وكأنّ هذا حكم يستبين سبيله بطفيف تأمّل . فإذن لايختصّ هذا الحكم وهذه المنزلة من السبيل الشرعي ، أو العقلي باُولئك المعدودين ، بل يثبت لغيرهم بشهادة مَن شهادته ملاك الأمر في ذلك .
نعم ، يختصّ ذلك باُولئك من سبيل الإجماع المنقول في حقّهم ، وكأنّ الأصحاب لايخصّون بهم إلاّ هذا على ما بلغنا من أقاويلهم ، وعباراتهم .
وإخبار المرسل الثقة بأنّه لايرسل إلاّ عن ثقة مقبولٌ كما روايته مقبولة . وسيستبين لك عن كَثَب ۱ إن شاء اللّه .
وظاهر كلام الأصحاب في مراسيل ابن أبي عمير بخصوصها أنّها في الحقيقة صحاح ، مسانيدُ ، معلومة الإسناد عنده إجمالاً ، وإن كانت أسانيدها قد فاتته على التفصيل ؛ لحكايته المحكيّة في كتابَيْ أبي عمرو الكشّي ، وأبي العبّاس النجاشي . وقد أسلفناها في سوالف الرواشح .
والشافعيّة اعتذروا عن مراسيل ابن المسيّب ، بأنّهم وجدوها بالاستقراء مسانيدَ من وجوه اُخَرَ .
وما اُورد عليهم أنّ الاعتماد حينئذٍ يكون على ذلك المسند دون هذا المرسل ، اللهمّ إلاّ بالعَرَض ، فقد أجابوا عنه بأنّ ذلك المسند ينهض حجّةً على صحّة هذا الإسناد الذي فيه الإرسال ، فيصيران في قوّة دليلين .

1.في حاشية «ب» و«ج» : «عن كثب ـ بالثاء المثلّثة بين الكاف والموحّدة ـ : أي عن قريب ، والكَثَبُ ـ بالتحريك ـ : القرب . (منه دام ظلّه)» .


الرواشح السماوية
256

يستصحّه ؛ إذ لو كان مرسله معلومَ التحرّز عن الرواية عن مجروح ، كان لا محالة في قوّة المسند عن الثَبَت الثقة .
قال في الذكري : «ولهذا قبلت الأصحاب مراسيل ابن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ؛ لأنّهم لايرسلون إلاّ عن ثقة» . ۱
قلت : وعلى هذا فلايختصّ الأمر بجماعة معدودة نقل الكشّي إجماعَ العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم ۲ بل كلّ من يثبت بشهادة النجاشي ، أو الشيخ ، أو الصدوق أو غيرهم من أضرابهم ، أنّه في الثقة والجلالة بحيث لايروي عن الضعفاء ، ولايحمل الحديث إلاّ عن الثقات ، فإنّ مراسيله يجب أن تكون مقبولة . فما قال بعض المستسعدين بالشهادة من المتأخّرين في شرح بداية الدراية :
إنّ في العلم بكون المرسل لا يروي إلاّ عن الثقة نظرا ؛ لأنّ مستند العلم إن كان هو الاستقراءَ لمراسيله بحيث يجدون المحذوف ثقةً ، فهذا في معنى الإسناد ، ولا بحث فيه.
وإن كان حسنَ الظنّ به في أنّه لايرسل إلاّ عن ثقة ، فهو غير كافٍ شرعا في الاعتماد عليه ، ومع ذلك غير مختصّ بمن يخصّونه به .
وإن كان استناده إلى إخباره بأنّه لايُرسل إلاّ عن الثقة ، فمرجعه إلى شهادته بعدالة الراوي المجهول ، وسيأتي ما فيه ، وعلى تقدير قبوله فالاعتماد على التعديل .
وظاهر كلام الأصحاب في قبول مراسيل ابن أبي عمير هو المعنى الأوّل ، ودون إثباته خَرْطُ القَتادِ ؛ وقد نازعهم صاحب البشرى في ذلك ، ومنع تلك الدعوى . ۳
فإنّما الصواب فيه من وجه هو خصوص قوله : «غير مختصّ بمن يخصّونه به» لاغيره ، فإنّ المستند هناك لا هو استقراء المراسيل ، ولا هو مطلق حسن الظنّ غير الكافي شرعا ، بل هو حصول الظنّ من طريقه الشرعي الذي سبيله أن يشهد بذلك مَنْ أمرُ التعديل والجرح موكول إليه . وأصل التوثيق والتوهين منوط بقوله : «ثابت

1.ذكرى الشيعة ۱ : ۴۹ .

2.رجال الكشّي : ۵۵۶ / ۱۰۵۰ .

3.شرح البداية : ۵۱ .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    الاولی
    پیوند معرفی کتاب :
    http://www.hadith.net/post/49603
تعداد بازدید : 102217
صفحه از 360
پرینت  ارسال به