وأبو عصمة هذا كان يقال له : الجامع . فقال أبو حاتم بن حيّان : جمع كلّ شيء إلاّ الصدق .
وروى ابن حيّان عن ابن مهديّ قال : قلت لميسرة بن عبد ربّه : من أين جئت بهذه الأحاديث «من قرأ كذا فله كذا»؟ فقال : وضعتها اُرَغِّبُ الناس فيها . ۱
وهكذا حال الحديث الطويل المشهور عن اُبيّ بن كعب ، عن النبيّ صلى الله عليه و آلهفي فضل سور القرآن سورة فسورة . ۲ بعث باعث عن مخرّجه حتّى انتهى إلى من اعترف بأنّه وجماعةً وضعوه ، وأنّ أثر الوضع لَبيّن عليه .
روي بالإسناد عن المؤمّل بن إسماعيل ، قال :
حدّثني ثقة عن ثقة ، قال : حدّثني شيخ به ، فقلت للشيخ : من حدّثك؟ فقال : حدّثني رجل بالمدائن ، وهو حيّ ، فصرت إليه فقلت : من حدّثك؟ فقال : حدّثني شيخ بواسط ، وهو حيّ ، فصرت إليه وقلت : أخبرني عمّن سمعته؟ ، فقال : حدّثني شيخ بالبصرة ، فأتيت البصرة فلقيت الشيخ بالكلاء فحدّثني بالحديث ، وقال : الشيخ الذي سمعناه بعبّادان ، فأتيت عبّادان فلقيت الشيخ فقلت : من حدّثك بهذا؟ فأخذ بيدي فأدخلني بيتا فإذا فيه قوم من المتصوّفة ، ومعهم شيخ ، فقال : هذا الشيخ حدّثني . فقلت له يا شيخ اتّق اللّه ، ما حال هذا الحديث؟ ، ومن حدّثك ؟ فقال : لم يحدّثني أحد ، ولكنّا اجتمعنا هنا فرأينا الناس قد رغبوا عن القرآن وزهدوا فيه ، فوضعنا لهم هذه الفضائل ؛ ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن ويرغبوا فيه . ۳
ولقد أخطأ رهط من المفسّرين كالواحدي والثعلبي والزمخشري ، ومن تبع طرقَهم في إيداعهم هذه الأحاديثَ الموضوعة تفاسيرَهم . والعذر عنهم بأنّهم لم يطّلعوا على الوضع ـ مع ما قد نبّه عليه جماعة من العلماء ـ غير مسموع . وخَطْب ۴
1.رواه تدريب الراوي ۱ : ۲۸۳ .
2.الموضوعات لابن الجوزي ۱ : ۲۳۹ ؛ تدريب الراوي ۱ : ۲۸۸ ؛ الخلاصة في أُصول الحديث : ۷۶ .
3.تدريب الراوي ۱ : ۲۸۸ .
4.في حاشية «أ» : «ما خطبك ، أي ما شأنك وما حالك ، والخطب : الأمر الذي يقع فيه المخاطبة ، والشأن والحال ، ومنه حديث عمر : وقد أفطر في يوم غيم في رمضان ، فقال : الخطب يسير».