279
الرواشح السماوية

وأبو عصمة هذا كان يقال له : الجامع . فقال أبو حاتم بن حيّان : جمع كلّ شيء إلاّ الصدق .
وروى ابن حيّان عن ابن مهديّ قال : قلت لميسرة بن عبد ربّه : من أين جئت بهذه الأحاديث «من قرأ كذا فله كذا»؟ فقال : وضعتها اُرَغِّبُ الناس فيها . ۱
وهكذا حال الحديث الطويل المشهور عن اُبيّ بن كعب ، عن النبيّ صلى الله عليه و آلهفي فضل سور القرآن سورة فسورة . ۲ بعث باعث عن مخرّجه حتّى انتهى إلى من اعترف بأنّه وجماعةً وضعوه ، وأنّ أثر الوضع لَبيّن عليه .
روي بالإسناد عن المؤمّل بن إسماعيل ، قال :
حدّثني ثقة عن ثقة ، قال : حدّثني شيخ به ، فقلت للشيخ : من حدّثك؟ فقال : حدّثني رجل بالمدائن ، وهو حيّ ، فصرت إليه فقلت : من حدّثك؟ فقال : حدّثني شيخ بواسط ، وهو حيّ ، فصرت إليه وقلت : أخبرني عمّن سمعته؟ ، فقال : حدّثني شيخ بالبصرة ، فأتيت البصرة فلقيت الشيخ بالكلاء فحدّثني بالحديث ، وقال : الشيخ الذي سمعناه بعبّادان ، فأتيت عبّادان فلقيت الشيخ فقلت : من حدّثك بهذا؟ فأخذ بيدي فأدخلني بيتا فإذا فيه قوم من المتصوّفة ، ومعهم شيخ ، فقال : هذا الشيخ حدّثني . فقلت له يا شيخ اتّق اللّه ، ما حال هذا الحديث؟ ، ومن حدّثك ؟ فقال : لم يحدّثني أحد ، ولكنّا اجتمعنا هنا فرأينا الناس قد رغبوا عن القرآن وزهدوا فيه ، فوضعنا لهم هذه الفضائل ؛ ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن ويرغبوا فيه . ۳
ولقد أخطأ رهط من المفسّرين كالواحدي والثعلبي والزمخشري ، ومن تبع طرقَهم في إيداعهم هذه الأحاديثَ الموضوعة تفاسيرَهم . والعذر عنهم بأنّهم لم يطّلعوا على الوضع ـ مع ما قد نبّه عليه جماعة من العلماء ـ غير مسموع . وخَطْب ۴

1.رواه تدريب الراوي ۱ : ۲۸۳ .

2.الموضوعات لابن الجوزي ۱ : ۲۳۹ ؛ تدريب الراوي ۱ : ۲۸۸ ؛ الخلاصة في أُصول الحديث : ۷۶ .

3.تدريب الراوي ۱ : ۲۸۸ .

4.في حاشية «أ» : «ما خطبك ، أي ما شأنك وما حالك ، والخطب : الأمر الذي يقع فيه المخاطبة ، والشأن والحال ، ومنه حديث عمر : وقد أفطر في يوم غيم في رمضان ، فقال : الخطب يسير».


الرواشح السماوية
278

من خزنة الوحي ، وأصحاب العصمة ، وحزب روح القدس ، ومعادن القوّة القدسيّة .
وللمضطلعين بعلم الحديث ملكة قويّة ، وثقافة شديدة يعرفون بها الصحيح والمكذوب ، ويميّزون الموضوع من المسموع .
والواضعون للحديث أصناف ، و أعظمهم ضررا وأشدّهم فسادا قوم منتسبون إلى الزهد والصلاح بغير علم وحكمة ، وضعوا أحاديثَ احتسابا للّه تعالى ، وتقرّبا إليه بزعمهم الباطل ؛ لتنجذب بذلك قلوب الناس إلى اللّه تعالى بالترغيب والترهيب ، فقبل جمٌّ موضوعاتِهم ثقةً بهم وركونا إليهم ، كأخبار وضعوها في الوعظ والترهيب ، وفضائل أذكار وأوراد ، وسنن وعبادات ، وفي إثبات المناقب والكمالات لجماعات وأقوام ، وإسناد أفعال وأحوال خارقة لطور العادة إليهم ، بحيث يقطع العقل بكونها موضوعة ، وإن كانت كرامات الأولياء ممكنة في أنفسها .
وقد عدّ قوم من أفاخم نُقّاد علماء العامّة وأئمّة محدّثيهم كثيرا من مشهورات الأخبار في هذه الأبواب من موضوعات الواضعين .
فمن ذلك ما قاله السيّد الفاضل المحقّق العبري في شرح منهاج الأُصول ـ للمفسّر البيضاوي ـ في مبحث الإجماع : إنّ حديث «اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر و عمرَ» موضوع . ۱ وقاله أيضا في شرح الطوالع وبيّنه بيانا وافيا .
ومن ذلك ما قال الطيبي :
رُوّينا عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم أنّه قيل له : مِن أين لك عن عكرمة ، عن ابن عبّاس في فضائل سورة سورة وليس عند أصحاب ابن عبّاس هذا ؟ فقال : إنّي رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن [وانشغلوا] ۲ بفقه أبي حنيفة ، ومغازي محمّد بن إسحاق فوضعت هذه الأحاديث حِسبةً . ۳

1.شرح منهاج الأُصول لايوجد . والحديث في المعجم الأوسط ۴ : ۱۴۰/۳۸۱۶ و ۵ : ۳۴۵/۵۵۰۳ .

2.أضفناه من المصدر .

3.الخلاصة في أُصول الحديث : ۷۶ .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    الاولی
    پیوند معرفی کتاب :
    http://www.hadith.net/post/49603
تعداد بازدید : 92087
صفحه از 360
پرینت  ارسال به