283
الرواشح السماوية

وربما وجد حديثا ضعيف الإسناد فركّب له إسنادا صحيحا للترويج .
وقد ذهبت الكراميّة ۱ ـ بكسر الكاف وتخفيف الراء ، أو بتشديد الراء بعد الكاف المفتوحة ، أو بفتح الكاف وتخفيف الراء . على اختلاف نقل الضابطين وهم المنتسبون بمذهبهم في التشبيه والتجسّم إلى أبي عبد اللّه محمّد بن كرام ـ والطائفةُ المبتدعة المتصوّفة ، إلى جواز وضع الحديث للترغيب والترهيب .
واستدلّوا بما في بعض طرق الحديث : «من كذب عليَّ متعمّدا ليضلّ به الناس فليتبوّأ مقعدَه من النار» . ۲
وهذه الزيادة قد أبطلها نَقَلَة الحديث على أنّها لاينجعهم ؛ ۳ إذ مطلق الافتراء على اللّه ورسوله ضلال وإن كان في أمرٍ حقّ .
وقد حمل بعضهم ـ خذلهم اللّه ـ «من كذب عليَ» على من قال : إنّه ساحر أو مجنون ، حتّى قال بعض المخذولين ـ قاتلهم اللّه ـ : إنّما قال : «من كذب عليَّ» ونحن نكذب له ولشرعه . ۴
وحكى القرطبيّ في المفهم عن بعض أهل الرأي : أنّ ما وافق القياس الجليّ جاز أن يُعزى إلى النبيّ صلى الله عليه و سلم . ۵ نسأل اللّه العصمة ونستعيذ به من الشقاوة .
ثمّ نهضت الجهابذة ۶ من نُقّاد الحديث بتفضيح موضوعات الأحاديث ، وكشف عوارها ، ومحوعارها .

1.الكراميّة : قوم من المبتدعة ، نسبوا إلى محمّد بن كرام السجستاني المتكلّم ، وقولهم هذا مخالف لإجماع المسلمين ، وعصيان صريح للحديث المتواتر عنه صلى الله عليه و آله : «من كذب عليّ متعمّدا ، فليتبوّأ مقعدَه من النار» انظر الباعث : ۶۵ .

2.راجع الموضوعات ۱ : ۹۴ ؛ تدريب الراوي ۱ : ۲۸۳ ؛ جامع الأُصول ۱ : ۱۳۵ .

3.في حاشية «ب» : «نجع فيه الخطاب والوعظ والدواء ، أي دخل وأثّر» .

4.حكاه عن البعض تدريب الراوي ۱ : ۲۸۳ .

5.حكاه عنه فتح المغيث ۱ : ۲۸۹ ـ ۲۹۰ .

6.في حاشية «ب» : «أي الناقد الخبير» .


الرواشح السماوية
282

حكى الطيبي عن جعفر بن محمّد الطيالسي أنّه قال :
صلّى أحمد بن حنبل ويحيى بن مَعِين في مسجد الرصافة ببغداد ، فقام بين أيديهما قاصّ ، فقال : حدّثنا أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين قالا : حدّثنا عبدالرزاق قال : حدّثنا معمّر ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و سلم : «من قال : لا إله إلاّ اللّه يخلق من كلّ كلمة منها طائر منقاره من ذهب وريشه مرجان» .
وأخذ في قصّة طويلة ، فجعل أحمد ينظر إلى يحيى ، ويحيى إلى أحمد فقال : أنت حدّثته بهذا؟ قال : واللّه ما سمعت به إلاّ هذه الساعةَ ، قال : فسكتا جميعا حتّى فرغ ، فقال له يحيى : من حدّثك بهذا؟ قال : أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ، فقال : أنا ابن معين وهذا أحمد بن حنبل ، ما سمعنا بهذا قطّ في حديث رسول اللّه صلى الله عليه و سلم ، فإن كان ـ ولابدّ من الكذب ـ فعلى غيرنا ، قال : لم أزل أسمع أنّ يحيى بنَ معين أحمقُ ، وما علمته إلاّ هذه الساعةَ كأنّه ليس في الدنيا يحيى بنُ معين وأحمد بن حنبل غيركما ، كتبت عن سبعة عشر أحمدَ بنَ حنبل غيرَ هذا ، قال : فوضع أحمد كُمّه على وجهه وقال : دعه يقوم ، فقام كالمستهزئ بهما . ۱
وممّا جرى بين عائشةَ وأبي هريرة في حديث رواه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آلهوأنكرت عليه ، فقالت له : متى قاله رسول اللّه ؟ فقال لها : يوم نصب أباك للخلافة .
ثمّ إنّ الواضع ربّما اختلق كلاما من عند نفسه فرواه مسندا ، وربما أخذ كلام بعض الحكماء فأسنده إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وربما غلط إنسان فوقع في شبه الوضع من غير تعمّد كما وقع لثابت بن موسى الزاهد في حديث : «من كثرت صلاته بالليل حَسُنَ بالنهار» ، ۲ من الحديث فرواه . . سنن ابن ماجة 1 : 422 ، ح 1333 ، الباب 174 ؛ الخلاصة في أُصول الحديث : 75 .

1.الخلاصة في أُصول الحديث : ۷۷ .

2. يقال : كان شيخ يحدّث في جماعة فدخل رجل حسن الوجه ، فقال الشيخ في أثناء الحديث : «من كثرت صلاته بالليل إلى آخره» . فوقع لثابت بن موسى أنّه أي قوله : «إلى آخره» .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    الاولی
    پیوند معرفی کتاب :
    http://www.hadith.net/post/49603
تعداد بازدید : 91745
صفحه از 360
پرینت  ارسال به