91
الرواشح السماوية

ثمّ إنّه في شرحه هذا وفي شرح الشرائع نقل عن الشيخ قوله :
يجوز أن يكون ابن بكير أسند ذلك إلى زرارة ؛ نصرةً لمذهبه الذي كان أفتى به ، وأنّه لمّا رأى أصحابه لايقبلون مايقوله برأيه أسنده إلى من رواه عن أبي جعفر عليه السلام ، وليس عبد اللّه بن بكير معصوماً لايجوز عليه هذا ، بل وقع منه من العدول عن اعتقاد مذهب الحقّ إلى اعتقاد مذهب الفطحيّة ما هو معروف من مذهبه ، والغلط في ذلك أعظم من الغلط في إسناد فتيا ۱ يعتقد صحّتها ؛ لشبهة دخلت عليه إلى بعض أصحاب الأئمّة عليهم السلام . ـ ثمّ قال ـ : والعجب مع هذا القدح العظيم من الشيخ في عبد اللّه بن بكير أنّه قال في كتاب الرجال : إنّ العصابة أجمعت على تصحيح ما يصحّ عنه ، وأقرّوا له بالفقه والثقة ، وذكر غيره من علماء الرجال كذلك . وهذا الخبر ممّا صحّ عن عبد اللّه بن بكير ؛ لأنّ الشيخ في التهذيب رواه عن محمّد بن [على بن ]محبوب ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عنه ، عن زرارة والجميع ثقات . ۲
قلت : دريتَ أنّ شذود الخبر ليس ينافي صحّته ، وهذا الخبر الشاذّ المنافي لعموم القرآن الكريم يجب الإعراض عنه مع صحّته ؛ لكونه على خلاف ما عليه سائر علماء الإسلام ، وأيضاً ليس يبعد أن يكون الشيخ مشترطاً في صحّة مرويّ الثقة غير الإمامي أن لايكون هو محتاجاً إلى روايته إيّاه في تقوية رأيه وترويج معتقده ، كما اشترطه غيره . ومغزى كلامه تجويز أن يكون ابن بكير قد أسند ذلك إلى زرارة نصرةً لمذهبه ؛ لشبهة دخلت عليه فزيّنت له رأيه ورَوَّجَتْهُ عليه فتأكّد في ذلك ظنّه إلى حيث قد ظنّ استناده فيه إلى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، فسوّغ ذلك الإسنادَ ؛ لمجرّد هذا الظنّ ، وهذا كثيراً مّا يقع للإنسان فيما يعتقده ويراه ويحبّه ويهواه ؛ إذ حبّك للشيء يعمي ويصمّ ، لاتجويز وقوع ذلك منه على سبيل الاختلاق والوضع ، فإذن لاتصادم بين هذا التجويز ، وبين نقل ذلك الإجماع ، ولابين صحّة هذا الحديث ،

1.في حاشية «أ» و«ب» : «استفتيت الفقيه في مسألة فأفتاني ، والاسم الفُتيا والفتوى ، وتفاتوا إلى الفقيه : إذا ارتفعوا إليه في الفتيا» . كما في لسان العرب ۱۵ : ۱۴۷ ـ ۱۴۸ ، (ف . ت . ا) .

2.مسالك الأفهام ۹ : ۱۲۹ .


الرواشح السماوية
90

الراشحة السابعة

[ في ترجمة عبد اللّه بن بكير ]

قال شيخنا الفريد الشهيد في اللمعة الدمشقيّة في كتاب الطلاق معبِّراً عن القسم الثالث من أقسام الطلاق السنّي بالمعنى الأعمّ :
وطلاق العدّة ، وهو أن يطلّق على الشرائط ثمّ يرجع في العدّة ويطأ ، ثمّ يطلّق في طهر آخَرَ ، وهذه ـ يعني المطلّقة للعدّة ـ تحرم في التاسعة أبداً ، وما عداه ـ يعنى من أقسام الطلاق الصحيح ـ في كلّ ثالثة للحرّة ، والأفضل في الطلاق أن يطلّق على الشرائط ، ثمّ يتركها حتّى تخرج من العدّة ، ثمّ يتزوّجها إن شاء . وعلى هذا قد قال بعض الأصحاب : إنّ هذا الطلاق لايحتاج إلى محلّل بعد الثلاث . ۱
يعنى به عبد اللّه بن بكير فإنّه قال : استيفاء العدّة الثالثة يهدم التحريم ؛ استناداً إلى رواية أسندها إلى زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : «الطلاق الذي يحبّه اللّه تعالى» . ۲ الحديث .
وقال بعض شهداء المتأخّرين في شرحه :
لايكاد يتحقّق في ذلك خلاف ؛ لأنّه لم يذهب إلى قول ابن بكير أحد من الأصحاب على ما ذكره جماعة ، وعبد اللّه بن بكير ليس من أصحابنا الإماميّة ، ونسبه المصنّف إلى أصحابنا التفاتا إلى أنّه من الشيعة في الجملة ، بل من فقهائهم على ما نقلناه عن الشيخ وإن لم يكن إماميّاً . وإنّما كان ۳ ذلك قولَ عبد اللّه ؛ لأنّه قال حين سُئل عنه : هذا ممّا رزق اللّه من الرأي ، ومع ذلك رواه بسند صحيح . ۴

1.اللمعة الدمشقيّة : ۱۲۴ .

2.تهذيب الأحكام ۸ : ۳۵ ، ح ۱۰۷ ، باب أحكام الطلاق ؛ الاستبصار ۳ : ۲۷۶ ، ح ۹۸۲ ، أبواب الطلاق ؛ وسائل الشيعة ۲۲ : ۱۱۶ ـ ۱۱۷ ، ح ۲۸۱۵۸ ، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه ، الباب ۳ ، ح ۱۶ .

3.قوله : «وإنّما كان ذلك قول عبد اللّه . . .» مقدّم في الوضع على قوله : «لايكاد يتحقّق . . .» . وظاهر هذا الترتيب مخالف للواقع ، كما في حاشية «ج» .

4.الروضة البهيّة ۶ : ۴۰ و ۳۸ .

  • نام منبع :
    الرواشح السماوية
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    الاولی
    پیوند معرفی کتاب :
    http://www.hadith.net/post/49603
تعداد بازدید : 91646
صفحه از 360
پرینت  ارسال به