129
إكليل المنهج في تحقيق المطلب

ومسندا في ذلك الكتاب عن محمّد بن الحسين بن أبيالخطّاب قال :
كنت مع الهادي علي بن محمّد عليهماالسلام في مسجد النبي صلى الله عليه و آله ، فأتاه جماعة من أصحابه منهم أبوهاشم الجعفري وكان رجلاً بليغا وكانت له منزلة عظيمة عنده عليه السلام ، ثمّ دخل المسجد جماعة من الصوفيّة وجلسوا في جانبه مستديرا وأخذوا بالتهليل ، فقال عليه السلام : لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدّاعين فإنّهم خلفاء الشياطين ومخرّبوا قواعد الدين ، يزهدون لإراحة الأجسام ويتهجّدون لتصيّد الأنعام ، يجوعون عمرا حتّى يذبحوا للإيكاف حمرا ، لا يهلّلون إلاّ لغرور الناس ولا يقلّلون الغذا إلاّ لملى العساس واختلاس قلب الدفناس ، يكلّمون الناس بإملائهم في الحبّ ويطرحونهم بادليلائهم في الحبّ ، أورادهم الرقص والتصدية وأذكارهم الترنّم والتغنية ، ولا يتبعهم إلاّ السفهاء ولا يعتقدهم إلاّ الحمقى ، فمن ذهب إلى زيارة أحد منهم ـ حيّا أو ميّتا ـ فكأنّما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبادة الأوثان ، ومن أعان أحدا منهم وكأنّما [ أعان ] يزيد ومعاوية وأباسفيان . فقال رجل من أصحابه : وإن كان معترفا بحقوقكم ؟ فنظر إليه شبه المُغضَب وقال : دع ذا عنك ، من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا ، أما تدري أنّهم أحسن طوائف الصوفيّة والصوفيّة كلّهم من مخالفينا وطريقتهم مغايرة لطريقتنا ، وإن هم إلاّ نصارى ومجوس هذه الاُمّة ، أولئك الذين يجتهدون في إطفاء نور اللّه ، واللّه متمّ نوره ولوكره الكافرون .
وروى مسندا عن الرضا عليه السلام أنّه : «لا يقول بالتصوّف أحد إلاّ لخدعة أو ضلالة أو حماقة» .
وأمّا من سمّى نفسه صوفيّا للتقيّة ، فلا إثم عليه ، وعلامته أن يكتفي بالتسمية فلا يقول شيء من عقائدهم الباطلة .
وفي وصيّة النبي صلى الله عليه و آله لأبيذرّ رضى الله عنه :
يا أباذرّ يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم ، يرون [ أنّ لهم ]الفضل بذلك على غيرهم ، أولئك يلعنهم ملائكة السماوات والأرض ۱ .
وفي مواعظ عيسى عليه السلام : فاحتفظوا من العلماء الكذبة الذين عليهم ثياب الصوف ۲
.
وقد أطلنا الكلام بذلك ليعلم مذهب الصوفيّة وحالهم ، وعلم أنّهم في جملة المذمومين من الرجال إن اتّفق وجودهم في الأسانيد « جع » .
قوله : ( وكان رواة أصحابنا [ بالعراق لقوه وكتبوا منه ] ) .
يدلّ هذا على أنّه كان مرجعا لرواة الأصحاب فيما يرويه ، وأنّهم كانوا يقبلون قوله ويعتمدون عليه ، ولذلك بالغوا في المراجعة فيما خرج إليهم وأنكروا ما ورد في مذمّته . ثمّ بقي الكلام في طلب المراجعة

1.وسائل الشيعة ، ج ۵ ، ص ۳۵ ، ح ۵ ؛ أمالي الطوسي ، ص ۵۳۹ ؛ مكارم الأخلاق ، ص ۴۷۱ .

2.تحف العقول ، ص ۵۰۴ ؛ بحار الأنوار ، ج ۱۴ ، ص ۳۰۷ .


إكليل المنهج في تحقيق المطلب
128

يتبرّأون منهم ، وليعرف هذا القوم بعداوتهم أهل العلم والعلماء .
وفي كتاب المعيشة من الكافي قال:باب دخول الصوفيّة على أبيعبداللّه عليه السلام ۱ ،ومن ذلك يعلم اتّصاف قوم بهذا الوصف وكانوا يعرفون به من جهة أوصافهم وأقوالهم ، وفي روضة الكافي في الربع الثاني :
علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، قال : قال أبوعبداللّه عليه السلاملعبّاد بن كثير البصري الصوفي : ويحك يا عبّاد غرّك أن عفّ بطنك وفرجك إنّ اللّه عزّ وجل يقول في كتابه : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ »۲ اعلم أنّه لا يتقبّل اللّه عزّ وجلّ منك شيئا حتّى تقول قولاً عدلاً ۳ .
ووجه رواية يونس عنه عليه السلام يأتي في ترجمة يونس بن عبدالرحمن في الإكليل ، ولعلّ من هذا الباب رواية البزنطي عن الصادق عليه السلام .
وفي كثير من أخبارنا ورد ذمّهم ، ومن ذلك ما ذكره بعض الثقات من أصحابنا وهو هكذا :
وفي الصحيح عن البزنطي قال : قال رجل للصادق عليه السلام : قد ظهر في هذا الزمان قوم يقال لهم الصوفيّة ، فما تقول فيهم ؟ فقال عليه السلام : إنّهم أعداؤنا ، فمن مال إليهم فهو منهم ويحشر معهم ، وسيكون أقوام يدّعون حبّنا ويميلون إليهم ويتشبّهون بهم ويلقّبون أنفسهم بلقبهم ويقولون أقوالهم ، ألا فمن مال إليهم فليس منّا وأنا منه براء ، ومن أنكرهم وردّ عليهم كان كمن جاهد الكفّار بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ۴ .
وروي مسندا إلى العسكري عليه السلام أنّه خاطب أباهاشم الجعفري فقال :
يا أباهاشم سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة وقلوبهم مظلمة منكدرة ، السنّة فيهم بدعة والبدعة فيهم سنّة ، المؤمن بينهم محقّر والفاسق بينهم موقّر ، أمراؤهم جاهلون جائرون وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون ، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء وأصاغرهم يتقدّمون على الكبراء ، كلّ جاهل عندهم خبير وكلّ محيل عندهم فقير ، لا يميّزون بين المخلص والمرتاب ولا يعرفون الضأن من الذئاب ، علماؤهم شرار خلق اللّه على وجه الأرض لأنّهم يميلون إلى الفلسفة والتصوّف ، وأيم اللّه أنّهم من أهل العدول والتحرّف يبالغون في حبّ مخالفينا ويضلّون شيعتنا وموالينا ، فإن نالوا منصبا لم يشبعوا عن الرشاء ، وإن خذلوا عبدوا اللّه على الرياء ، ألا إنّهم قطّاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين ، فمَن أدركهم فليحذرهم وليصن دينه وإيمانه . ثمّ قال : يا أباهاشم هذا ما حدّثني أبي عن آبائه عن جعفر بن محمّد عليهم السلاموهو من أسرارنا فاكتمه إلاّ عن أهله ۵ .
وفي كتاب قرب الإسناد روى مسندا عن الصادق عليه السلام في حال أبيهاشم الكوفي : إنّه كان فاسد العقيدة جدّا ، وهو الذي ابتدع مذهبا يقال له التصوّف وجعله مفرّا لعقيدته الخبيثة وأكثر الملاحدة خاتمة مستدرك الوسائل ، ج 2 ، ص 92 و93 . .

1.الكافي ، ج ۵ ، ص ۶۵ .

2.الأحزاب (۳۳) : ۷۰ ـ ۷۱ .

3.الكافي ، ج ۸ ، ص ۱۰۷ ، ح ۸۱ .

4.مستدرك الوسائل ، ج ۱۲ ، ص ۳۲۳ ، ح ۱۵ .

5.مستدرك الوسائل ، ج ۱۱ ، ص ۳۸۰ ، ح ۲۵ .

  • نام منبع :
    إكليل المنهج في تحقيق المطلب
    سایر پدیدآورندگان :
    الحسيني الاشكوري، سيد جعفر
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 56870
صفحه از 647
پرینت  ارسال به