329
إكليل المنهج في تحقيق المطلب

كونه عاميّا في موضع آخر . وقد اتّضح بما ذكرنا فساد قوله : ( لأنّ صحّة الحديث ... ) « جع » .
قوله : ( وعن زُرْعَة صحيح ) .
اعلم أنّ طريقة أصحابنا الأقدمين والصدر الأوّل كان على وجه يظهر في الإكليل من عنوان سالم بن مكرم ، ومن عنوان محمّد بن أحمد بن يحيى عند قولنا : قوله : ( وكان محمّد بن الحسن ) ، وكانوا عاملين بما علم ثبوته عن الأئمة صلوات اللّه عليهم علما يظهر من الإكليل في عنوان آدم أبوالحسين عند قولنا : قوله : ( فهو على الوجوه ثقة ) .
وكان هذه الطريقة معمولة وهذا البنيان ثابتا إلى أن آل الأمر إلى قريب غيبته الكبرى ، فوقع فيه شيء من الانهدام والاهتزاز كما يظهر من عنوان محمّد بن أحمد بن يحيى ومن عنوان محمّد بن عيسى بن عبيد ، وكان طريقة هذه الطبقة في التوثيق كما يظهر في الإكليل من عنوان آدم بن إدريس .
ثمّ آل الأمر إلى زمان الآخرين من المتأخّرين فوضعوا بينهم الاصطلاح الجديد وسلك فيه شيخ ابن طاوس والعلاّمة وأضرابهما ، وألّفوا في ذلك وقسّموا الأخبار على الأقسام الأربعة ، واعتذروا بأنّه لمّا طالت الأزمنة بينهم وبين الصدر السابق وآل الحال إلى اندراس بعض الكتب والاُصول المعتمدة وسلّط حكّام الجور والضلال وحصل الخوف من إظهارها وانتساخها وانضمّ إلى ذلك بإجماع ما وصل إليهم من كتب الاُصول في الاُصول المشهورة في هذا الزمان ، فالتبست الأحاديث المأخوذة من الاُصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة ، واشتبهت المتكرّرة في كتب الاُصول بغير المتكرّرة ، وخفي عليهم قدّس اللّه أرواحهم كثير من تلك الاُمور التي كان سبب وثوق القدماء بكثير من الأحاديث ، ولم يمكنهم الجري على أثرهم في تمييز ما يعتمد عليه بما لا يركن إليه ، فاحتاجوا إلى قانون يتميّز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها ، والموثوق بها عمّا سواها ، فقرّروا لنا ذلك الاصطلاح الجديد وقرّبوا إلينا البعيد ، ووضعوا الأحاديث الموردة في كتبهم الاستدلالية بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الصحيح والحسن والموثّق .
أقول : ومن تأمّل حقّ التأمّل علم أنّ ما ذكر في مقام الاعتذار ليس بشيء ، بل الحقّ أنّ في هذه الطبقة الأخيرة اتّفقت الاختلاط والاُلفة بين فقهاء الخاصّة والعامّة اختلاطا تامّا ، وألّف أصحابنا في الفقه على نحو تأليف العامّة وأخذوا في الاحتجاج بحسب أدلّتهم واحتجاجهم ، ولذلك احتاجوا إلى وضع كتب في اُصول الفقه وبيان الأدلّة العقليّة والقواعد والضوابط بحسب ما وضع علماء العامّة والاحتجاج بحسب احتجاجهم .


إكليل المنهج في تحقيق المطلب
328

أبيطالب عليه السلاموآخرهم التاسع من ولدي وهو القائم بالحقّ» ۱ الحديث .
وروى حديثا آخر في النصّ على القائم عليه السلام وهو عندي أعزّ ممّا أحاط عليه المشرق والمغرب ، روى الصدوق في العيون ما هذا عبارته :
أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن عبدالسلام بن صالح الهروي قال : سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول : [لمّا ]أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا عليهماالسلامقصيدتي التي أوّلها :

مدارس آيات خلت من تلاوةومنزل وحي مقفر العرصات
فلمّا انتهيت إلى قولي :

خروج إمام لا محالة خارجيقوم على اسم اللّه والبركات
يميّز فينا كلّ حقّ وباطلويجزي على النعماء والنقمات
بكى الرضا عليه السلام بكاء شديدا ، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال [لي] : «يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين فهل تدري من هذا الإمام ؟ ومتى يقوم ؟» فقلت : لا يا مولاي إلاّ أنّي سمعت بخروج إمام منكم يطهّر الأرض من الفساد ويملأها عدلاً ، فقال : «يا دعبل الإمام بعدي محمّد ابني ، وبعد محمّد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره ، لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأها عدلاً كما ملئت جورا» ۲ الحديث .
أحمد بن زياد ثقة في « صه » ۳ ، وفي كتاب كمال الدين للصدوق في آخر ذكر هشام بن الحكم على ما ذكر هكذا في حديث :
ما سمعت هذا الحديث إلاّ من أحمد بن زياد رضى الله عنه بهمدان عند منصرفي من حجّ بيت اللّه الحرام وكان رجلاً ثقة دينا فاضلاً ۴ .
وإبراهيم بن هاشم وثّقه ابنه علي بن إبراهيم الثقة في تفسيره على ما ذكره « م د ح » ، فالحديث صحيح الإسناد « جع » .
قوله : ( ثمّ كتب عليه [ قلت : وقد ذكره ابن داود في الموثّقين ] ) .
أي : كتب واحد من أهل العلم على ما كتب الشهيد الثاني وغرضه تصحيح كلام العلاّمة حيث تبع النجاشي في موضع وقال مثل قول الشيخ في موضع آخر ، والمستفاد من كلام الشهيد أنّ بين كلاميه منافاة مع الاتّحاد ، فإنّ كون الرجل ثقة في عبارة العلاّمة أنّه ثقة بحسب الاصطلاح الجديد ، وذلك ينافي

1.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲ ، ص ۶۹ ، ح ۳۶ .

2.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۱ ، ص ۲۹۶ و۲۹۷ ، ح ۳۵ .

3.خلاصة الأقوال ، ص ۱۹ ، الرقم ۳۷ .

4.كمال الدين وتمام النعمة ، ص ۳۶۹ .

  • نام منبع :
    إكليل المنهج في تحقيق المطلب
    سایر پدیدآورندگان :
    الحسيني الاشكوري، سيد جعفر
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 57483
صفحه از 647
پرینت  ارسال به