71
الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)

عدم العلم بالشيء لا يستلزم نفيه ، وقوله عليه السلام : «فأنت من ذلك في شك» معناه أنّك من ذلك ، أي لأجل عدم العرفان بالوجود ، مرتبتك الشك في الوجود ـ أي وجود ما في السماء والأرض وما خلفهما ممّا لا علم لك بوجوده ـ لا الظنّ ، والحكم بالعدم «فلعلّه» أي لعلّ ما حكمت بعدمه «هو» ، أي على ما حكمت به من العدم «ولعلّه ليس هو» ؛ بل موجود ، فكيف تحكم بالعدم ، وقوله : «ولعل ذلك» ، أي ولعلّ غير ذلك ، ولعلّ ذلك .
وحاصله أنّ حالك أيّها الرجل في إنكارك الصانع وجحودك له كحالك في إنكارك ما في الأرض والسماء وما خلفهما ، إذ أنكرت كلّ واحد منهما لمجرّد عدم علمك بوجوده ، وليس هذا ممّا يليق بالعاقل ، فهو من باب التشبيه المطويّ فيه ذكر المشبّه كالاستعارة ، وليس باستعارة .
وقوله عليه السلام : «تفهّم عنّي» معناه : خذ المعرفة باللّه سبحانه عنّي «فإنّا» أهل البيت «لا نشك في اللّه أبدا» .
اعلم أنّه ـ صلوات اللّه عليه ـ لمّا أراد أن يعكس اعتقاده من الإنكار إلى الإقرار بالصانع تعالى، ولا شك أنّ نقل الشيء من الضدّ إلى الضدّ لا يخلو من صعوبة ومشقّة ، نقله بحسن البيان ولطف المكالمة إلى الشكّ أوّلاً كما مرّ ، ثم منه إلى اعتقاد الحقّ، فقال عليه السلام : «أما ترى الشمس والقمر» وما أودعهما اللّه سبحانه من عجائب القدرة وأسرار الحكمة، فتعلم أنّ هذا لا يكون إلاّ من حكيم قادر وعليم قاهر ، ولظهور تلك الحكم وبيان تلك الأسرار لم يتعرّض لبيانهما، ثم قال عليه السلام : «والليل والنهار يلجان» ، أي يدخل كلّ واحد منهما في صاحبه ، وذلك عند انتقال الشمس من البروج الجنوبية إلى الشمالية ورجوعها ، فإنّ كلّ واحد منهما في صاحبه بحيث لا يخفى على أحد ، وهو معنى قوله : «فلا يشتبهان ويرجعان» ، أي يرجع كلّ واحد منهما إلى مكانه بعد ذهابه «قد اضطرّا» إلى ذلك الرجوع «ليس لهما مكان إلاّ مكانهما ، فإن كانا يقدران


الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
70

كتاب التوحيد

باب حدوث العالم وإثبات المحدث

۰.قوله عليه السلام :فالظنّ عجز ، لما لا تستيقن؟ [ ص73 ح1 ]

ظاهر هذا إنكار وتوبيخ له على رضاه بالظنّ مع قدرته على اليقين ؛ إذ يمكنه إن لم يقدر على ذلك من قبل نفسه أن يسأل أهل الذكر إن كان لا يعلم ، فـ«ما» استفهاميّة واللام حرف جرّ ، وإثبات الألف من «ما» مع حرف الجرّ لغة ، وجاءت عليها قراءة عِكْرمة وعيسى بن عمر حيث أثبتا الألف في «عما يتساءلون» ۱ وعليها قول حسّان بن ثابت :

على ما قام يَشْتُمُني لئيمٌكخِنزيرٍ تمرّغَ في رَمادِ۲
والمعنى : فالظنّ عجز فلِمَ رضيت به لنفسك؟ ولأيّ شيء لا تستيقن أنت؟! ۳

۰.قوله عليه السلام :وهل يجحد العاقل ما لا يعرف [ ص73 ح1 ]

«هل» إنكارية ، والمعنى لا يليق بالعاقل أن ينكر وجود ما لا يعلم وجوده ؛ فإنّ

1.انظر : مجمع البيان ، ج۹ ـ ۱۰ ، ص۶۳۸ .

2.ديوان حسّان بن ثابت ، ص۷۹ .

3.في هامش النسخة : وله نظير في حديث قصّة الديصاني الآتي عن قريب «بخطه قدّس سرّه» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (الفاضلي)
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    الفاضلی، علی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الرابع
عدد المشاهدين : 103301
الصفحه من 352
طباعه  ارسل الي