۹۲۱.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ ، قَالَ :كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : «إِذَا غَضِبَ اللّهُ ـ تَبَارَكَ وَ تَعَالى ـ عَلى خَلْقِهِ ، نَحَّانَا عَنْ جِوَارِهِمْ» .
81 ـ بَابُ مَا يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ دَعْوَى الْمُحِقِّ وَ الْمُبْطِلِ فِي أَمْرِ الْاءِمَامَةِ
۹۲۲.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ سَـلَامِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ؛وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛ وَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ جَمِيعاً ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنْ سَـلَامِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْهَاشِمِيِّ ـ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ : وَ قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ ـ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ :
«بَعَثَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ رَجُلاً مِنْ عَبْدِالْقَيْسِ ـ يُقَالُ لَهُ: خِدَاشٌ ـ إِلى أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ ، وَ قَالَا لَهُ : إِنَّا نَبْعَثُكَ إِلى رَجُلٍ طَالَ مَا كُنَّا نَعْرِفُهُ وَ أَهْلَ بَيْتِهِ بِالسِّحْرِ وَ الْكِهَانَةِ ، وَ أَنْتَ أَوْثَقُ مَنْ بِحَضْرَتِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا مِنْ أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ ذلِكَ ، وَ أَنْ تُحَاجَّهُ لَنَا حَتّى تَقِفَهُ عَلى أَمْرٍ مَعْلُومٍ ، وَ اعْلَمْ أَنَّهُ أَعْظَمُ النَّاسِ دَعْوًى ، فَـلَا يَكْسِرَنَّكَ ذلِكَ عَنْهُ ؛ وَ مِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِي يَخْدَعُ النَّاسَ بِهَا الطَّعَامُ وَ الشَّرَابُ وَ الْعَسَلُ وَ الدُّهْنُ ، وَ أَنْ يُخَالِيَ الرَّجُلَ ؛ فَـلَا تَأْكُلْ لَهُ طَعَاماً ، وَ لَا تَشْرَبْ لَهُ شَرَاباً ، وَ لَا تَمَسَّ لَهُ عَسَلاً وَ لَا دُهْناً ، وَ لَا تَخْلُ مَعَهُ ، وَ احْذَرْ هذَا كُلَّهُ مِنْهُ ، وَ انْطَلِقْ عَلى بَرَكَةِ اللّهِ ، فَإِذَا رَأَيْتَهُ ، فَاقْرَأْ آيَةَ السُّخْرَةِ ، وَ تَعَوَّذْ بِاللّهِ مِنْ كَيْدِهِ وَ كَيْدِ الشَّيْطَانِ ، فَإِذَا جَلَسْتَ إِلَيْهِ ، فَـلَا تُمَكِّنْهُ مِنْ بَصَرِكَ كُلِّهِ ، وَ لَا تَسْتَأْنِسْ بِهِ .
ثُمَّ قُلْ لَهُ : إِنَّ أَخَوَيْكَ فِي الدِّينِ ، وَ ابْنَيْ عَمِّكَ فِي الْقَرَابَةِ يُنَاشِدَانِكَ الْقَطِيعَةَ ، وَ يَقُولَانِ لَكَ : أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّا تَرَكْنَا النَّاسَ لَكَ ، وَ خَالَفْنَا عَشَائِرَنَا فِيكَ مُنْذُ قَبَضَ اللّهُ ـ عَزَّ وَ جَلَّ ـ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله ، فَلَمَّا نِلْتَ أَدْنى مَنَالٍ ، ضَيَّعْتَ حُرْمَتَنَا ، وَ قَطَعْتَ رَجَاءَنَا ، ثُمَّ قَدْ رَأَيْتَ أَفْعَالَنَا فِيكَ ، وَ قُدْرَتَنَا عَلَى النَّأْيِ عَنْكَ ، وَ سَعَةِ الْبِـلَادِ دُونَكَ ، وَ أَنَّ مَنْ كَانَ يَصْرِفُكَ عَنَّا وَ عَنْ صِلَتِنَا ، كَانَ أَقَلَّ لَكَ نَفْعاً ، وَ أَضْعَفَ عَنْكَ دَفْعاً مِنَّا ، وَ قَدْ وَضَحَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ ، وَ قَدْ بَلَغَنَا عَنْكَ انْتِهَاكٌ لَنَا ، وَ دُعَاءٌ عَلَيْنَا ، فَمَا الَّذِي يَحْمِلُكَ عَلى ذلِكَ ؟ فَقَدْ كُنَّا نَرى أَنَّكَ أَشْجَعُ فُرْسَانِ الْعَرَبِ ، أَ تَتَّخِذُ اللَّعْنَ لَنَا دِيناً ، وَ تَرى أَنَّ ذلِكَ يَكْسِرُنَا عَنْكَ ؟
فَلَمَّا أَتى خِدَاشٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ ، صَنَعَ مَا أَمَرَاهُ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عَلِيٌّ عليه السلام ـ وَ هُوَ يُنَاجِي نَفْسَهُ ـ ضَحِكَ وَ قَالَ : «هَاهُنَا يَا أَخَا عَبْدِ قَيْسٍ» وَأَشَارَ لَهُ إِلى مَجْلِسٍ قَرِيبٍ مِنْهُ؛ فَقَالَ : مَا أَوْسَعَ الْمَكَانَ! أُرِيدُ أَنْ أُؤَدِّيَ إِلَيْكَ رِسَالَةً ، قَالَ : «بَلْ تَطْعَمُ وَ تَشْرَبُ وَ تَحُلُّ ثِيَابَكَ وَ تَدَّهِنُ ، ثُمَّ تُؤَدِّي رِسَالَتَكَ ، قُمْ يَا قَنْبَرُ ، فَأَنْزِلْهُ » .
قَالَ : مَا بِي إِلى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْتَ حَاجَةٌ ، قَالَ : «فَأَخْلُو بِكَ؟» قَالَ : كُلُّ سِرٍّ لِي عَـلَانِيَةٌ ، قَالَ : «فَأَنْشُدُكَ» بِاللّهِ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ ، الْحَائِلِ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ قَلْبِكَ ، الَّذِي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ مَا تُخْفِي الصُّدُورُ، أَ تَقَدَّمَ إِلَيْكَ الزُّبَيْرُ بِمَا عَرَضْتُ عَلَيْكَ ؟» قَالَ : اللّهُمَّ نَعَمْ ، قَالَ : «لَوْ كَتَمْتَ بَعْدَ مَا سَأَلْتُكَ ، مَا ارْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ؛ فَأَنْشُدُكَ اللّهَ ، هَلْ عَلَّمَكَ كَـلَاماً تَقُولُهُ إِذَا أَتَيْتَنِي ؟» قَالَ : اللّهُمَّ نَعَمْ ، قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : «آيَةَ السُّخْرَةِ» ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : «فَاقْرَأْهَا» ، فَقَرَأَهَا ، وَ جَعَلَ عَلِيٌّ عليه السلام يُكَرِّرُهَا ، وَ يُرَدِّدُهَا ، وَ يَفْتَحُ عَلَيْهِ إِذَا أَخْطَأَ ، حَتّى إِذَا قَرَأَهَا سَبْعِينَ مَرَّةً ، قَالَ الرَّجُلُ : مَا يَرى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَمْرَهُ بِتَرَدُّدِهَا سَبْعِينَ مَرَّةً ؟ ثُمَّ قَالَ لَهُ : «أَ تَجِدُ قَلْبَكَ اطْمَأَنَّ ؟» قَالَ : إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ .
قَالَ : «فَمَا قَالَا لَكَ ؟» فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : «قُلْ لَهُمَا : كَفى بِمَنْطِقِكُمَا حُجَّةً عَلَيْكُمَا ، وَ لكِنَّ اللّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، زَعَمْتُمَا أَنَّكُمَا أَخَوَايَ فِي الدِّينِ ، وَ ابْنَا عَمِّي فِي النَّسَبِ ؛ فَأَمَّا النَّسَبُ ، فَـلَا أُنْكِرُهُ ، وَ إِنْ كَانَ النَّسَبُ مَقْطُوعاً إِلَا مَا وَصَلَهُ اللّهُ بِالْاءِسْـلَامِ .
وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا : إِنَّكُمَا أَخَوَايَ فِي الدِّينِ ، فَإِنْ كُنْتُمَا صَادِقَيْنِ ، فَقَدْ فَارَقْتُمَا كِتَابَ اللّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ عَصَيْتُمَا أَمْرَهُ بِأَفْعَالِكُمَا فِي أَخِيكُمَا فِي الدِّينِ ، وَ إِلَا فَقَدْ كَذَبْتُمَا وَ افْتَرَيْتُمَا بِادِّعَائِكُمَا أَنَّكُمَا أَخَوَايَ فِي الدِّينِ .
وَ أَمَّا مُفَارَقَتُكُمَا النَّاسَ مُنْذُ قَبَضَ اللّهُ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله ، فَإِنْ كُنْتُمَا فَارَقْتُمَاهُمْ بِحَقٍّ ، فَقَدْ نَقَضْتُمَا ذلِكَ الْحَقَّ بِفِرَاقِكُمَا إِيَّايَ أَخِيراً ، وَ إِنْ فَارَقْتُمَاهُمْ بِبَاطِلٍ ، فَقَدْ وَقَعَ إِثْمُ ذلِكَ الْبَاطِلِ عَلَيْكُمَا مَعَ الْحَدَثِ الَّذِي أَحْدَثْتُمَا ، مَعَ أَنَّ صِفَتَكُمَا بِمُفَارَقَتِكُمَا النَّاسَ لَمْ تَكُنْ إِلَا لِطَمَعِ الدُّنْيَا زَعَمْتُمَا ، وَ ذلِكَ قَوْلُكُمَا : «فَقَطَعْتَ رَجَاءَنَا» لَا تَعِيبَانِ بِحَمْدِ اللّهِ مِنْ دِينِي شَيْئاً .
وَ أَمَّا الَّذِي صَرَفَنِي عَنْ صِلَتِكُمَا ، فَالَّذِي صَرَفَكُمَا عَنِ الْحَقِّ ، وَ حَمَلَكُمَا عَلى خَلْعِهِ مِنْ رِقَابِكُمَا ، كَمَا يَخْلَعُ الْحَرُونُ لِجَامَهُ ، وَ هُوَ اللّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ، فَـلَا تَقُولَا : أَقَلُّ نَفْعاً وَ أَضْعَفُ دَفْعاً ؛ فَتَسْتَحِقَّا اسْمَ الشِّرْكِ مَعَ النِّفَاقِ .
وَ أَمَّا قَوْلُكُمَا : إِنِّي أَشْجَعُ فُرْسَانِ الْعَرَبِ ، وَ هَرَبُكُمَا مِنْ لَعْنِي وَ دُعَائِي ؛ فَإِنَّ لِكُلِّ مَوْقِفٍ عَمَلاً إِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَسِنَّةُ ، وَ مَاجَتْ لُبُودُ الْخَيْلِ ، وَ مَلَأَ سَحَرَاكُمَا أَجْوَافَكُمَا ، فَثَمَّ يَكْفِينِيَ اللّهُ بِكَمَالِ الْقَلْبِ ؛ وَ أَمَّا إِذَا أَبَيْتُمَا بِأَنِّي أَدْعُو اللّهَ ، فَـلَا تَجْزَعَا مِنْ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْكُمَا رَجُلٌ سَاحِرٌ مِنْ قَوْمٍ سَحَرَةٍ زَعَمْتُمَا ، اللّهُمَّ أَقْعِصِ الزُّبَيْرَ بِشَرِّ قِتْلَةٍ ، وَ اسْفِكَ دَمَهُ عَلى ضَـلَالَةٍ ، وَ عَرِّفْ طَلْحَةَ الْمَذَلَّةَ ، وَ ادَّخِرْ لَهُمَا فِي الْاخِرَةِ شَرّاً مِنْ ذلِكَ إِنْ كَانَا ظَلَمَانِي ، وَ افْتَرَيَا عَلَيَّ ، وَ كَتَمَا شَهَادَتَهُمَا ، وَ عَصَيَاكَ وَ عَصَيَا رَسُولَكَ فِيَّ ، قُلْ : آمِينَ» ، قَالَ خِدَاشٌ : آمِينَ!
ثُمَّ قَالَ خِدَاشٌ لِنَفْسِهِ : وَ اللّهِ ، مَا رَأَيْتُ لِحْيَةً قَطُّ أَبْيَنَ خَطَأً مِنْكَ ، حَامِلَ حُجَّةٍ يَنْقُضُ بَعْضُهَا بَعْضاً ، لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ لَهَا مِسَاكاً ، أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اللّهِ مِنْهُمَا .
قَالَ عَلِيٌّ عليه السلام : «ارْجِعْ إِلَيْهِمَا ، وَ أَعْلِمْهُمَا مَا قُلْتُ» .
قَالَ : لَا وَ اللّهِ حَتّى تَسْأَلَ اللّهَ أَنْ يَرُدَّنِي إِلَيْكَ عَاجِلاً ، وَ أَنْ يُوَفِّقَنِي لِرِضَاهُ فِيكَ ؛ فَفَعَلَ ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنِ انْصَرَفَ وَ قُتِلَ مَعَهُ يَوْمَ الْجَمَلِ؛ رَحِمَهُ اللّهُ» .