165
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
164

الهدية العاشرة:

(ولهذه العلّة) أي الدخول في الدِّين بغير علم ويقين وأخذه من أفواه الرِّجال لا من كتاب اللّه الخاصّ علمه، وسنّة نبيّه المضبوطة بأوصيائه المنصوصة من أهله صلى الله عليه و آله .
و«الانبثاق» بتقديم النون على المفردة: الانفجار. بثق السيل موضع كذا، كنصر بثقا بالفتح وبثقا بالكسر، أي خرقه وشقّه فانبثق، أي انفجر. القاموس: انبثق عليهم السيل: أقبل وهم غافلون ۱ .
و«البثوق»: جمع البثق بمعنى الشقّ والخرق، يعني تغور هذه الأديان الفاسدة وخلالها.
و«الاستبشاع»: الاستكراه والاستقباح. شيء بشع ـ بالشين المعجمة بين المفردة والمهملة ـ كصفق ۲ : كريه الطعم، يأخذ في الحلق، بيّن البشاعة ، واستبشع الشيء: عدّه بشعا.
(التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلّها) إشارة إلى تحقّق ما أخبر به صلى الله عليه و آله في حديث الافتراق ۳ في زمانه طاب ثراه، أو دلالة على أنّها بدخول طريقة التصوّف فيها مستكملة لجميع شرائط الكفر، مستجمعة لتمام أسباب الشرك . وكفر التصوّف كفر ملتئم من جميع شعوب الكفر وصنوف الشرك كبيت العنكبوت، ومن جميع شعوبه طرق إلى جميع ثقوبه.
والمشار إليه ل «ذلك» في قوله: (وذلك بتوفيق اللّه وخذلانه) ، أمّا الدخول في الدِّين بعلم والدخول فيه لا بعلم ، أو مضمون قوله: «إن شاء تطوّل عليه فَقَبِل عمله، وإن شاء ردّ عليه»، والمآل واحد ، أو لا يبعد أن يكون واحدا.
(سبّب له الأسباب) كما أنّ الأصل في أسباب التوفيق الحيلولة المبتنية على محبّة اللّه تبارك وتعالى، كذلك الأصل في أسباب الخذلان التخلية المنبئة عن سخط اللّه عزّ وجلّ، وفي الحديث كما سيذكر في أواخر كتاب التوحيد في الثاني في الباب الثامن والعشرين، باب السعادة والشقاء : «أنّ وجه محبّته تعالى وسخطه سرٌّ من أسراره، وحكم اللّه عزّ وجلّ لا يقوم له أحد من خلقه بحقّه» ۴ من كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلى الله عليه و آله على ما وصف في الهدية السابقة.
و(الرواسي) من الجبال: الثوابت الرواسخ. قال الأخفش: واحدتها راسية.
في بعض النسخ بزيادة: «نعوذ باللّه منه» بعد «مستودعا» وقبل «سبّب له أسباب الاستحسان والتقليد والتأويل»، كالمنتمي إلى الإماميّة بدخوله في الدّين بغير علم ويقين؛ لتوقّفه في طعن الصوفيّة القدريّة ولعنِهم، فذاك في المشيئة إن شاء اللّه تبارك وتعالى أتمَّ إيمانه بالحيلولة والتوفيق، وإن شاء سلبه إيّاه بالتخلية والخذلان.
(كبيرا من الكبراء) أي كلبا كبيرا من كبراء كلاب جهنّم، كالبصري، والشامي، والرومي، والبغدادي، والبسطامي، والشبستري وأمثالهم من مشايخ الصوفيّة والقدريّة وطواغيتهم لعنهم اللّه ، ثمّ لعنهم اللّه .
(وكلّما رأى شيئا استحسن ظاهره قبله) المستحسن ظاهره فقط عند كثيرٌ من عوام الناس كثيرٌ في دار الامتحان بهذا النظام العظيم، لا سيّما في أقوال الصوفيّة القدريّة وأمثالهم، وأعمالهم .
(وقد قال العالم عليه السلام ) أو واحد من الأئمّة عليهم السلام ، أو خصوص الصاحب عليه السلام على ما مرَّ آنفا. وهذا الحديث سينقل عن الكاظم عليه السلام في كتاب الإيمان والكفر، وهو الرابع من الباب الثاني والثمانين والمائة، باب المعارين، وهناك مكان : «وخلق الأوصياء على الوصيّة فلا يكونون إلّا أوصياء»: «وخلق المؤمنين على الإيمان فلا يكونون إلّا مؤمنين» ۵ . وهو أولى لِما ستعرف في نقل كلام برهان الفضلاء .
والآية في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ»۶ .
قال برهان الفضلاء:
جملة: «ولهذه العلّة» إلى قوله «والشرك كلّها» معترضة؛ تبيانا لمذمّة الدخول في الدين بغير علم ويقين، وليست من هذا البحث؛ لعدم دخول أهل دهره في محلّ سؤال الأخ كما عُلِمَ من قوله: «وسألت هل يسع» إلى آخره.
و«التوفيق»: رأفة اللّه تعالى لعبده بعد إعطاء جميع أسباب الطاعة التي يمتنع الطاعة بدونها، ويسمّى الجميع بالعلّة التامّة للطاعة.
و«الخذلان»: ترك ذلك الرأفة بعد تهيُّوء جميع أسباب المعصية التي يمتنع المعصية بدونها، و يسمّى الجميع بالعلّة التامّة للمعصية. ۷
فلمّا ليست رأفته تعالى داخلة في العلّة التامّة للطاعة، وكذا تركها داخلة في العلّة التامّة للمعصية، فأهل الطاعة لا يعصون مع استطاعتهم للمعصية ، وأهل المعصية، لا يطيعون مع استطاعتهم للطاعة، فلا تبطل حجّة اللّه سبحانه في ثواب أهل الطاعة وعذاب أهل المعصية، لكن وجه المصلحة في الرّأفة بعبد دون عبد سرٌّ من أسراره تعالى لا عالم به سواه، كما في الحديث عنهم عليهم السلام ، وسيذكر ـ في الباب الحادي والثلاثين في كتاب التوحيد في شرح: «عَلَم منهم فعلاً فجعل فيهم آلة الفعل» في الحديث الثاني ۸ ـ ما يوجب القناعة بطاعة مفترض الطاعة في جميع ما أخبر به، فلا بأس بهذه الوسوسة ولم يفرغ قلب منها.
«كبيرا من الكبراء»، أي شيخا كبيرا من مشايخ أهل الضلالة، أو فاضلاً من فضلاء العامّة، أو خليفةً من خلفاء بني اُميّة أو بني العبّاس. «استحسن ظاهره» كمواظبة العامّة على أوقات الصلوات جماعةً في المسجدين و المشاعر و نحوهما.
«وقد قال العالم عليه السلام : إنّ اللّه عزّوجلّ خلق النبيّين» الحديث ۹ .
ويمكن أن يكون هنا سهوٌ من نسّاخ الكافي؛ فإنّ في باب المعارين في كتاب الإيمان والكفر قد ذكر هذا الحديث وفيه: «وخلق المؤمنين على الإيمان، فلا يكونون إلّا مؤمنين» مكان: «وخلق الأوصياء على الوصيّة، فلا يكونون إلّا أوصياء ۱۰ ». وما هناك أولى. والتقدير : «وخلق بعض المؤمنين». وفيهم، أي في المؤمنين الذين على قسمين جرى قوله تعالى في سورة الأنعام.
وقال الفاضل الاسترآبادي رحمه الله: «لأنّه كلّما رأى كبيرا من الكبراء» الدلالة على أنّه لا يؤخذ الدِّين من كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلى الله عليه و آله إلّا بوسيلة الأئمّة عليهم السلام . ۱۱

1.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۲۱۰ (بثق).

2.في «ب» و «ج»: «كصعق».

3.روى الخاصّة والعامّة حديث الافتراق. راجع: بحارالأنوار، ج ۲۸، ص ۲ ـ ۳۶، باب افتراق الاُمّة بعد النبيّ علي...؛ سنن أبي داود، ج ۲، ص ۶۰۸ ، ح ۴۵۹۶۶؛ سنن الترمذي، ج ۵ ، ص ۲۵، ح ۲۶۴۰؛ سنن ابن ماجة، ج ۲، ص ۱۳۲۱، ح ۳۹۹۱؛ مسند أحمد، ج ۲، ص ۳۳۲، ح ۸۳۷۷ .

4.راجع: الكافي، ج ۱، ص ۱۵۳، باب السعادة والشفاء، ح ۲.

5.راجع: الكافي، ج ۲، ص ۴۱۸ ـ ۴۱۹، باب المعارين، ح ۴ و ۵.

6.الأنعام (۶): ۹۸.

7.في «ب» و «ج» - : للمعصية.

8.الكافي، ج ۱، ص ۱۶۱، باب الاستطاعة، ح ۲.

9.في «الف»: - «استحسن ظاهره ـ إلى ـ الحديث».

10.الكافي، ج ۲، ص ۴۱۸، باب المعارين، ح ۴.

11.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۸۲ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 114206
صفحه از 644
پرینت  ارسال به