هديّة :
«محارب» كمصاحب : أبو قبيلة .
قد سبق قوله عليه السلام في الثاني عشر ببيانه : «ويرى الناسَ كلَّهم خيرا منه ، وأنّه شرّهم في نفسه وهو تمام الأمر». يعني ينبغي لكلّ أحد أن يظنّ أنّه لا ذلّ منه في مقام العبودية ، ولا أكثر تقصيرا منه في العبادة ، فبقدر عجب المرء وتكبّره ناقص عقله ، وضعيف إيمانه.
قال برهان الفضلاء:
المراد ب «إعجاب المرء بنفسه»: إدباره في مواضع الإقبال بالمعنى الذي ذكرناه في بيان الأوّل ، أو الأعمّ منه موافقا لما يجيء في السابع من باب استعمال العلم ، الباب الرابع عشر من قوله عليه السلام : «فإنّ العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله قدر الشيطان عليه».
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله:
«الإعجاب» مصدر مبنيّ للمفعول اُضيف إلى المفعول ، أي كون المرء معجبا بنفسه. و«العُجب» : أن يظنّ الإنسان بنفسه منزلة لا يستحقّها ويصدّق نفسه في هذا الظنّ تصديقا ما، وذلك إنّما يحصل من قلّة التميّز والمعرفة وضعف العقل ، فهو دليل على ضعف عقله. ۱
الحديث الثاني والثلاثون ۲
۰.روى في الكافي وقال: أَبُو عَبْدِ اللّه ِ الْعَاصِمِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام ، قَالَ : ذُكِرَ عِنْدَهُ أَصْحَابُنَا وَذُكِرَ الْعَقْلُ ، قَالَ : فَقَالَ :«لَا يُعْبَأُ بِأَهْلِ الدِّينِ مِمَّنْ لَا عَقْلَ لَهُ» .
قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّ مِمَّنْ يَصِفُ هذَا الْأَمْرَ قَوْما لَا بَأْسَ بِهِمْ عِنْدَنَا، وَلَيْسَتْ لَهُمْ تِلْكَ الْعُقُولُ؟
فَقَالَ : «لَيْسَ هؤُلَاءِ مِمَّنْ خَاطَبَ اللّه ُ ، إِنَّ اللّه َ ۳ خَلَقَ الْعَقْلَ ، فَقَالَ لَهُ : أَقْبِلْ ، فَأَقْبَلَ ، وَقَالَ لَهُ : أَدْبِرْ ، فَأَدْبَرَ ، فَقَالَ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، مَا خَلَقْتُ شَيْئا أَحْسَنَ مِنْكَ ـ أَوْ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكَ ـ بِكَ آخُذُ ، وَبِكَ أُعْطِي» .