هديّة :
أبو عبداللّه العاصمي ، هو أحمد بن محمّد بن أحمد بن طلحة بن عاصم الشهير ۱ بالعاصمي ، ثقة .
(يصف) أي يعرف .
(لا بأس بهم) أي بحسب الاعتقاد الممدوح ، وكونهم من الاثني عشريّة وتولّيهم وتبرّئهم الواجبين .
(وليست لهم تلك العقول) أي التي لعلماء الإماميّة وكمّلهم . وهي أخصّ من التي مناط التكليف. (فقال : «ليس هؤلاء ممّن خاطب اللّه ) أي قصدا بالذات.
والمقصود بالذات من الخطاب المذكور بقوله: (بك آخذ وبك أُعطي): خواصّ الشيعة؛ لقوله عليه السلام : (لا يعبأ بأهل الدِّين ممّن لا عقل له) أي بحسبك اُعاقب واُثيب في البرزخ والآخرة.
وقد سبق في السابع : «إنّما يداقّ اللّه العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا». والمراد أنّ الدقّة في حساب الشيعة على قدر كمال عقله ، وكثرة المساهلة معهم على قدر قلّة كمالهم ، إلّا أن يغترّ بطريقة الصوفيّة ويتمادى حتّى يثبت اسمه في كتاب الفجّار وتحقّ ۲ عليه كلمة العذاب . ۳
والشكّ من الراوي.
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى:
«أخذ» على المتكلّم وحده من باب نصر. والظاهر أنّ تكرار كلمة «بك» للدلالة على أنّ ذلك الأخذ أخذُ عزيزٍ مقتدرٍ . إنّما هو بالنظر إلى الذين أخلّوا بالعقل ولم يتّصفوا به. و«الإعطاء» إنّما هو بالنسبة إلى الذين راعوه واتّصفوا به .
وهذا بناءً على أنّ خلق الجنّ والإنس لأجل عبادة المؤمنين موافقا لاختياره في الآيتين من سورة الذاريات: «وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْاءِنسَ إِلَا لِيَعْبُدُونِ»۴ .
والاحتمال عود ضمير «يعبدون» إلى المؤمنين.
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله: قوله عليه السلام :
«لا يعبأ بأهل الدِّين لمن لا عقل له»: في بعض النسخ : «بمن لا عقل له» فيكون بدلاً عن قوله: «بأهل الدِّين». والمعنى أنّه لا يبالي بمن لا عقل له من أهل الدِّين ، أي لا يعدّ شريفا ، ولا يلتفت إليه ، ولا يُثاب على أعماله ثوابا جزيلاً .
«انّ ممّن يصف هذا الأمر»، أي إنّ ممّن يقول بقول الإماميّة «قوما لا بأس بهم» في الاعتقاد والعمل «عندنا» أي في بلادنا ، أو باعتقادنا .
«وليست لهم تلك العقول» دلّ بإتيان لفظة «تلك» ـ وهي للإشارة إلى البعيد ـ على علوّ درجة العقول المسلوبة عنهم ؛ إشارةً إلى أنّ لهم قدرا من العقل اهتدوا به إلى ما اهتدوا به ولكن قريب المنزلة من إدراك الحواسّ والمشاعر .
وغرضه السؤال عن حالهم، أيُعبأ بهم أم لا؟ «فقال: ليس هؤلاء ممّن خاطب اللّه ، إنّ اللّه خلق العقل» إلى قوله: «ما خلقت شيئا أحسن منك، أو أحبّ إلىّ منك» . هذا ترديد من الراوي.
وفي قوله: «بك آخذ وبك اُعطي» دلالة على أنّ المؤاخذة بالمعاصي ، والإعطاء بالإطاعة والانقياد بالعقل ، وهو مناطهما ، فكلّما كمل كثرت المؤاخذة والإعطاء ، وكلّما نقص قلّ ۵ المؤاخذة والإعطاء ، فيصل إلى مرتبة لا يبالي بهم ، ولا يهتمّ بأمرهم، ولا يشدّد ولا يضيّق عليهم. ۶
1.في «ب، ج»: «اشتهر».
2.في «الف»: «يحقّ».
3.اقتباس من الآية ۱۹ من الزمر (۳۹) .
4.الذاريات (۵۱) : ۵۵ ـ ۵۶ .
5.في المصدر : «قلّت» .
6.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۸۶ ـ ۸۷ .