307
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
306

هديّة :

(استخرج) على ما لم يسمّ فاعله ، واحتمال المتكلّم وحده ، أو الأمر كماترى، يعني العقل الذي هو حباء من اللّه ، وهو عقل الإيمان باللّه واليوم الآخر. ولعلّ المراد كامله الذي له أيضا مراتب.
والمراد ب «الحكمة» علم الدِّين ، وهو علم الإمام الحقّ، وب «استخراج غورها» اتّصاف المؤمن باليقين فيما اعتقد ، وكونه على ثقة ممّا أدّى، فبذلك يعرف أنّ العقل جاء من اللّه ، وأنّه لا دين لمن لا عقل له وأنّ له مراتب، وأنّه أخصّ من العقل الذي مناط التكليف، وغير ذلك من خصائص العقل ، كما نطق بها أحاديث الباب.
(وبحسن السياسة يكون الأدب الصالح)؛ يعني كما أنّ العاقل يعرف أنّ حسن السياسة في الناس يوجب شيوع الأدب الصالح فيهم وضياع البُدع الفاسدة المفسدة، كذلك يعرف أنّ أحكام التدبير من الحكيم لهذا النظام العظيم يستلزم شريعة غرّاء بحجّة معصوم ممتاز عن الجميع حسبا ونسبا، ولذا يبني العاقل أفكاره على استحكام نظام العالم وهو بحيث لا يعقل كنهه، وهو تقدير العزيز العليم ۱ ، فيعقل ويوقن. مثلاً: أنّ حكمه تبارك وتعالى بأنّ فرعون بادّعائه ما ادّعى مرتدّ نجس مخلّد في النار إذا كان معناه أنّه كذا في الظاهر وفي الحقيقة كليم اللّه ، أو وليّ، اللّه كان سخيفا جدّا يمتنع أن يصدر عن صاحب هذا النظام بهذا الاستحكام ، فيقطع بحقّيّة أنّ «حلال محمّد صلى الله عليه و آله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة» ۲ ، فيحكم قطعا من مقالات الصوفيّة القدريّة، ومن مقالاتهم : إذا ظهرت الحقائق بطلت الشرائع «وَاللّه ُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»۳ .
(التفكّر حياة قلب البصير) يعني التفكّر المبنيّ على عِظَم استحكام هذا النظام، وتنزيه مدبّره الملك العلّام عمّا لا يليق بشأنه تعالى شأنه وعظم سلطانه .
(بحسن التخلّص) أي من الورطات المهلكة.
(وقلّة التربّص) أي بسرعة الوصول إلى المقصود.
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه :
يعني «بالعقل» يملك العاقل كفّ نفسه عن الأهواء ، كالحكم بالظنّ في المشتبهات، وبكفّ نفسه عنها يملك كمال العقل ، و«بحسن» التدبير في سلوكه واُموره يحصل له «الأدب الصالح» الذي أمر اللّه عباده به في محكمات القرآن، قال: «وكان يقول» يعني قال الصادق عليه السلام : «وكان يقول أمير المؤمنين عليه السلام : التفكّر حياة قلب البصير» أي التفكّر في عواقب الاُمور حياة قلب المؤمن.
وقال الفاضل الاسترآبادي رحمه الله:
«بالعقل استخرج غور الحكمة» يعني بآلة العقل يمكن الوصول إلى كنه الحكمةٍ ، وبظهور الحكمة من العاقل يظهر ما كان مخزونا في عقله. ۴
وقال السيّد السند أمير حسن القائيني رحمه الله :
«بحسن السياسة» أي بحسن التدبير فيما هوتحت تصرّف العقل من البدن بتهذيب الأخلاق ، ومن غيره بإصلاح الأحوال على ما اُمر به و نُهي عنه يحصّل أدب المنجي.
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«بالعقل استخرج غور الحكمة» أي قعر الحكمة ، والبالغ نهاية الخَفاء. والحكمة العلوم الحقّة والمعارف اليقينيّة التي يدركها العقل، فالوصول إلى أخفاها وحقيقة بواطنها بالعقل .
«وبالحكمة استخرج غور العقل» أي نهاية ما في قوّته من الوصول إلى العلوم والمعارف ؛ فإنّ بالعلم والمعرفة يعرف نهاية مرتبة العقل ، أو يَظهر نهاية مرتبته ، ويبلغ كماله .
«وبحسن السياسة يكون الأدب الصالح» أي بحسن الأمر والنهي ، أو بحسن التأديب يحصّل الأدب الصالح.
«وكان يقول: التفكّر حياة قلب البصير» أي قلب البصير الفَهِم يصير حيّا عالما عارفا بالتفكّر ، وهو الحركة النفسانيّة في المقدّمات الموصلة إلى المطلوب [ومنها إلى المطلوب] ۵ ، فالفَهِم يمشي ويتحرّك بتفكّره في حال جهله بالمطلوب إلى المطلوب بحسن التخلّص والنجاة من الوقوع في الباطل وقلّة التربّص والانتظار في الوصول إلى الحقّ .
«كما يمشي الماشي في الظلمات بالنور» شبّه الحركة الفكريّة حال الجهل بالمطلوب ، بسبب الفهم والبصيرة بمشي الماشي في الظلمات بالنور.
و«يحسن التخلّص» يحتمل تعلّقه بالمشبّه به ، وبالمشبّه ، وبهما ، ويعلم الاشتراك على الأوّلين بالتشبّه ۶ . انتهى.
قال في الكافي بعد ذكر هذا الحديث: «هذا آخر كتاب العقل ، والحمدُ للّه وحده ۷ ، وصلّى اللّه على محمّد وآله» فلعلّه من زيادات بعض من تلامذة ثقة الإسلام كالصفواني.
وقال الفاضل الاسترآبادي بخطّه قوله: «هذا آخر كتاب العقل» لا آخر كتاب العقل وما يلحق به، ويؤيّده ما سيجيء ، وما في الفهرست ۸ من عدّ المجموع كتابا واحدا. ۹

1.اقتباس من الآية ۹۶ ، الأنعام (۶) ؛ والآية ۳۸ يس (۳۶) ؛ و ۱۲ فصّلت (۴۱) .

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۵۸ ، باب البدع والرأي و ... ، ح ۱۹ .

3.البقرة (۲) : ۲۱۳ .

4.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۹۰.

5.أضفناه من المصدر .

6.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۸۸ ـ ۸۹ .

7.في «الف»: - «وحده».

8.الفهرست للطوسي ، ص ۱۳۵ ، الرقم ۵۹۱ .

9.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۹۰.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 113178
صفحه از 644
پرینت  ارسال به