365
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1

الحديث السادس ۱

۰.روى في الكافي بهذا الإسناد، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان رفعه، قال :«قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليه السلام : يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ، لِي إِلَيْكُمْ حَاجَةٌ اقْضُوهَا لِي، قَالُوا: قُضِيَتْ حَاجَتُكَ يَا رُوحَ اللّه ِ، فَقَامَ، فَغَسَلَ أَقْدَامَهُمْ، فَقَالُوا: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهذَا يَا رُوحَ اللّه ِ، فَقَالَ: إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْخِدْمَةِ الْعَالِمُ، إِنَّمَا تَوَاضَعْتُ هكَذَا لِكَيْمَا تَتَوَاضَعُوا بَعْدِي فِي النَّاسِ كَتَوَاضُعِي لَكُمْ.
ثُمَّ قَالَ عِيسى عليه السلام : بِالتَّوَاضُعِ تُعْمَرُ الْحِكْمَةُ، لَا بِالتَّكَبُّرِ؛ وَكَذلِكَ فِي السَّهْلِ يَنْبُتُ الزَّرْعُ، لَا فِي الْجَبَلِ».

هديّة :

«المعشر» كمنصب: الجماعة ، والجمع معاشر .
في بعض النسخ: «فقبّل» من التقبيل، مكان «فغسل» على المعلوم من باب ضرب .
(بالخدمة) أي بالتواضع، و (العالم) مأمور بالتواضع مع المتعلِّم كما مرّ في الأوّل.
ووجه الأحقّيّة: اختصاص التكبّر باللّه سبحانه، وكمال التواضع حقّ المقرّبين من عباده؛ لتفرّده بالخالقيّة والقِدَم والبقاء، كجميع ما سواه بالمخلوقيّة والحدوث والفناء. ويجيء في الحديث في الباب التاسع والخمسون وهو باب التواضع في كتاب الإيمان والكفر: «أنّ اللّه تعالى أوحى إلى داود عليه السلام أنّ أقرب الناس إلى اللّه المتواضعون وأبعدهم منه المتكبّرون» .
(إنّما تواضعت) بيان لوجه آخر لمبالغته في التواضع ، فمنه قوله : (بالتواضع تُعمر الحكمة) بزيادة التواضع تنموا الحكمة وتزاد .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه :
روح الإنسان جسم هوائي لطيف غير مرئي يوجب الحياة ما دام في البدن. وبدن غير عيسى عليه السلام مخلوق قبل نفخ الروح فيه، وبدنه مخلوق من روح نفخ جبرئيل عليه السلام في مريم عليهاالسلام بإذن اللّه تعالى.
والإضافة في «روح اللّه » إضافة الاختصاص والتشريف والتكريم، كسمائي وأرضي وملائكتي.
«فغسل» كضرب من «الغسل» بالفتح
«تعمر» على المجهول من باب نصر. انتهى .
اعتقاده سلّمه اللّه بجسميّة النفوس الناطقة.
بناءً على ما هو الحقّ والصدق من تفرّد الربّ تبارك وتعالى بالقِدَم واللّازمانيّة واللّامكانيّة والتنزّه عن الأبعاد اللّازمة الجسمانيّة، هل يمكن لذي حياة أن يعقل نفسه مجرّدة عن البُعد والإمكان بعد مفارقتها البدن؟ احتمال لا يعارض اليقين . نعم ، يعقل [المجرّد من البعد والحنّير والمكان والمادة، لكن إمّا معان قائمة بالأذهان أو من ساير الأعراض فجسمانيّ، وهل يتصوّر شيء بدون صورة] ۲ اسمه القائمة بالذهن، ولذا بنيت المعرفة الدينيّة على نفي التشبيه والتعطيل .
وروى الشيخ الطبرسي بإسناده في الاحتجاج عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «الروح لا يوصف بثقلٍ ولا خفّةٍ، وهي جسم رقيق اُلبس قالَبا كثيفا، فهي بمنزلة الريح في الزقّ، فإذا نفخت فيه امتلأ الزقّ منها، فلا يزيد في وزن الزقّ، وُلُوجها، ولا ينقصه خروجها، وكذلك الروح ليس لها ثقلٌ ولا وزنٌ». قيل له: أفتتلاشى الروح بعد خروجه عن قالَبه أم هو باق؟ قال : «بل هو باق إلى وقت ينفخ في الصور، فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى، فلا حسّ ولا محسوس ، ثمّ اُعيدت الأشياء كما بدأها مدبّرها، وذلك أربعمائة سنة تَسْبِتُ فيها الخلق، وذلك بين النفختين» . وقال عليه السلام أيضا : «إنّ الروح مقيمة في مكانها ، روح المحسن في ضياءٍ وفُسْحَة، وروح المسيء في ضِيقٍ وظلمة ، والبدن يصير ترابا». ۳ الحديث .
قوله عليه السلام : «فلا حسّ ولا محسوس ـ إلى قوله ـ : وذلك أربعمائة سنة» ؛ دلالة على بطلان مثل القول بأنّ الزمان مقدار حركة الفلك .
ونقل بعض المعاصرين هذا الحديث من الاحتجاج ، وقال : «أمّا إطلاق الجسم على الروح؛ فلأنّ نشأة الملكوت أيضا ۴ جسمانيّة من حيث الصورة وإن كانت روحانيّة من جهة المعنى غير مدركة بهذه الحواسّ». انتهى .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«إنّ أحقّ الناس بالخدمة العالم» وذلك لشدّة استعداده للفيضان من المبدأ عليه، ولفضله وشرفه وعزّه بالعلم، فبتواضعه وتذلّله بالخدمة يُفاض عليه ما يليق به، ويتزيّن عزّه وشرفه بالتواضع، ولا يلحقه ذلّ بذلك، بخلاف الجاهل؛ فإنّه لقلّة استعداده أو لسوء استعداده إنّما يُفاض عليه ما يليق به ويناسب استعداده، ولِذُلّه و منقصته بالجهل يكون مناسبا للخدمة، ولا يكون في خدمته تواضع، فلا يزيد به إلّا ذلّاً. فالعالم أحقّ بأن يفعل الخدمة؛ حيث له فيها منافع كثيرة وعزّ وشرف ، والجاهل لا ينتفع بارتكابه ويزيد به ذُلّاً ، إنّما فعل ما هو مناسب لِذُلّه وهو فيه ذلّ ولا عزّ له في ارتكابه وتحمّله. والعالم يعزّ بارتكابه، فهو من هذه الحيثيّة له عزّ. ۵ انتهى .
الباعث لما يرد في مواضع على بيانه إنّما هو ما يُستشمّ من بنائه بيانه عليه ولا بأس به؛ إذ الفيضان والاستعداد وغيرهما من آلات اُصول الفلاسفة على الإيجاب مع الإيجاب، وعلى الإمكان مع القدرة والاختيار .

1.في «الف»: - «الحديث السادس».

2.ما بين المعقوفتين لم يرد في «الف».

3.الاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۹۶ ـ ۹۸.. و عنه في البحار ، ج ۱۰ ، ص ۱۸۵ ـ ۱۸۶ ، ح ۲. والحديث طويل اختار المصنّف بعض منه.

4.في «الف»: «تصير».

5.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۱۵ ـ ۱۱۶.


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
364

الحديث الخامس ۱

۰.روى في الكافي عن أحمد بن عبداللّه ، عن البرقي،۲عن بعض أصحابه رفعه، قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :«لا يَكونُ السَّفَهُ والغِرَّةُ فِي قَلْبِ العالِمِ» .

هديّة :

مضمونه كسابقه. و (السفه): الخفّة والطيش، وهو ضدّ الحلم بمعنى الأناة .
و (الغرّة) بكسر المعجمة وتشديد المهملة: الغفلة، وقلّة الفطنة بمكائد الشيطان فأعمّ من الاغترار ومصائده. والظاهر أنّ المراد لا يكون أصلاً ، فالمراد ب «العالم» الحجّة المعصوم .
قال برهان الفضلاء : يعني عالم علم الدِّين لا ينزعج من مكانه بسهولة، ولا يغترّ بمكائد الشيطان . ۳
وقال الفاضل الاسترآبادي رحمه الله :
الظاهر أنّ «أحمد بن عبداللّه » في سند هذا الحديث هو أحمد بن عبداللّه بن بنت أحمد بن محمّد البرقي بقرينة ما في الفهرست. ۴
والظاهر أنّه المراد من المذكور في العدّة، والمراد بالعالم هنا الإمام عليه السلام . ۵
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله : «السفه»: قلّة الحلم أو عدمه. و «الغرّة» بالكسر: الغفلة. ۶ انتهى . أشار بالترديد إلى احتمال التعميم في «العالم» .

1.في «الف»: - «الحديث الخامس».

2.في الكافي المطبوع: «عن أحمدبن محمدٍ البرقي».

3.في «ب» و «ج»: + «بسهولة».

4.الفهرست للطوسي ، ص ۲۲ ، في ترجمة أحمدبن محمّد بن خالد البرقى ، الرقم ۵۵.

5.الحاشية على اُصول الكافي وفيه: - «والمراد بالعالم هنا الإمام عليه السلام ».

6.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۱۵.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 113233
صفحه از 644
پرینت  ارسال به