هديّة :
المراد ب «المؤمن» هنا : المؤمن الفقيه ؛ للتصريح به في سابقه ، أو الأعمّ ، ولا ينافيه لفظة «الفقهاء» في الجملة التعليليّة ؛ لأنّها إمّا للإشارة إلى أنّ كلّ مؤمن فقيه بعلمه بضروريّات الدِّين التي ظهرت للأسماع في السنّة القائمة إلى يوم القيام كالشمس في رابعة النهار لجميع الأنظار، أنظار المؤمنين والكفّار ، أو لبيان أنّ المؤمن الفقيه كالحصن ، وغيره من المؤمنين كعمارة العمارة وأسباب البناء .
وأورد ثقة الإسلام طاب ثراه هذا الحديث بإسناد آخر في كتاب الجنائز في باب نوادر الجنائز بدون لفظة «الفقهاء» .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه :
«المؤمن» هنا بمعنى المؤمن الفقيه ، كما في سابقه .
و «الحصون» استعيرت للحَفَظَة . والإضافة في «حصون الإسلام» لاميّة.
«كحصن» خبر مبتدأ محذوف، بتقدير: «كلّ واحد» لبيان وجه الشّبه في الاستعارة .
وإضافة «الحصن» إلى «السور» بيانيّة ، واحترازٌ عن المعنى المجازي للحصن . والمراد تشبيه كلّ واحد من الفقهاء بالسور .
ويجيء هذا الحديث في آخر أبواب كتاب الجنائز بسندٍ آخر ، وهناك «كحصون» مكان «كحصن» .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«بكت عليه الملائكة» أي الملائكة الموكّلون بالناس وبأعمالهم ، أو الملائكة كلّهم .
«وبقاع الأرض التي كان يعبد اللّه » أي هذا المؤمن «عليها» إن كان البناء للفاعل. ويحتمل البناء للمفعول ، أي كلّ بقعة توقع عبادة اللّه عليها . والمراد أهل تلك البقاع، من الملائكة والأرواح والناس العابدين للّه .
ولعلّ المراد ب «أبواب السماء التي كان يصعد فيها بأعماله» : ما يوصل الأعمال إلى مقرّها من العِلويّات، ويكون وسيلة لوصولها ودخولها وانضباطها فيها، مَلِكا كان أو روحا أو نفوسا كاملة شريفة قدسيّة أو قوّة أو نفسا علويّة .
ويحتمل أن يكون المراد بها مواضع مخصوصةً من الفلك، ويكون المراد بكاء الموكّلين على هذه المواضع من الأرواح والملائكة .
وبالجملة: يُراد بالبكاء الحزن الموجب لجري الدموع فينا، سواء كان هناك مع الحزن جري دموع أو لا .
«حصون الإسلام» أي الحافظون له بحفظ العقائد الصحيحة والشريعة القويمة، المانعون عنه بالمنع عن دخول الشُّبه والأباطيل والبدع فيه . ۱ انتهى .
قيل في بيانه رحمه الله أشياء: منها: أنّ بيانه لأبواب السماء لا يوافق بيانه للحصون، ومن ضروريّات الدِّين الاعتقاد بالمعراج الجسماني من الأبواب المفتّحة له صلى الله عليه و آله وجسمانيّة البُراق، والإمامة ليلة المعراج لجميع المقرّبين عند سدرة المنتهى بالبدن الجسمانيّ، واللّه الذي على كلّ شيءٍ قدير، وجاعل الملائكة اُولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع ويزيد في الخلق ما يشاء . ۲ إنّ حديث زغب رياش الملائكة ۳ وأمثاله من محكمات السنّة . والإتيان بالمتشابهات في الأخبار عن ضروريّات الدِّين ليس من أفعال الحكيم تعالى شأنه وعظم سلطانه .
1.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۲۰ ـ ۱۲۱.
2.اقتباس من الآية ۱ ، فاطر (۳۵).
3.راجع: الكافي ، ج۱ ، ص ۳۹۳ ، باب أنّ الأئمّة تدخل الملائكة بيوتهم و... ، ج ۳؛ بحار الأنوار ، ج ۱۸ ، ص ۳۱۹ ـ ۳۳۲ ، ج ۳۴.