الحديث الثالث
۰.روى في الكافي عَن مُحَمَّدٍ ، عَن ابْنِ عِيسى ، عَنِ الْسرّاد ، عَنْ ابْنِ رِئَابٍ ، عَنْ الْحَذَّاءِ۱، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ :«مَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى من اللّه ۲ ، لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ ، وَلَحِقَهُ وِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِفُتْيَاهُ» .
هديّة :
(بغير علم) أي حاصلٍ بالعقل عن اللّه كما للحجّة المعصوم .
(ولا هدىً) أي ولا بهداية من العاقل عن اللّه كما للإمامي العدل الممتاز علما و فضلاً و حذاقة في الاستنباط من المآخذ المُحكَمة ، المعهودة ، المحصورة ، المعلومة من الحجّة المعصوم العاقل من اللّه .
وقوله : (لعنته ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب) يعني الملائكة أجمعين .
و «الفتيا» بالضمّ والخاتمة والقصر، والفتوى بالفتح والواو والقصر بمعنى .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى :
«بغير علم» أي بغير علم يكون مضمون محكمات القرآن ، وبغير هداية عالم بتأويل متشابهات القرآن، ولا يعلم تأويله إلّا اللّه والراسخون في العلم، وهم الحجج المعصومون عليهم السلام .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«الهدى» بضمّ الهاء الطريقة والسنّة التي يهتدي به ، والدلالة.
وإنّما يجوز الإفتاء والجواب في المسائل وإبانتها والحكم فيها بعلمٍ حاصل من مأخذه ، سواء كان من جانب اللّه سبحانه ابتداءً، أو بتوسّط ملاحظة برهان أو دليل، أو إرشاد ودلالة من العالم، أو اتّباع من يهتدي بهداه .
فبذكر الهدى بعد العلم نبّه على أنّه العمدة في أسباب العلم بما يحتاج إليه في الفُتيا . ف «من أفتى بغير علم ولا هدىً لعنته ملائكة الرحمة»؛ حيث تعرّض لما يوجب الحرمان من رحمة اللّه . «وملائكة العذاب»؛ حيث أتى بما يستحقّ به العذاب (ولحقه وزر مَن عمل بفُتياه) منضمّا إلى وزره بفُتياه؛ حيث أضلّه، ولولا إفتاء غير العالم لراجعوا إلى العالم وأخذوا منه . ۳
وقال بعض المعاصرين :
المراد بالعلم ما يستفاد من الأنوار الإلهيّة والإلهامات الكشفيّة كما هو للأئمّة عليهم السلام ، وبالهدى ما يسمع من أهل بيت النبوّة كما هو لنا . ۴ انتهى .
بناء بيانه بيّن.
1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذّاء».
2.في الكافي المطبوع: - «من اللّه ».
3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۳۳.
4.الوافي ، ج ۱ ، ص ۱۹۱.