الحديث السادس
۰.روى في الكافي عَنْ عَلِيٍّ ، عَنْ البرقي ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ۱، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ :«إِذَا سُئِلَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ عَمَّا لَا يَعْلَمُ ، فَلْيَقُلْ : لَا أَدْرِي ، وَلَا يَقُلْ : اللّه ُ أَعْلَمُ ؛ فَيُوقِعَ فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ شَكّا ، وَإِذَا قَالَ الْمَسْؤُولُ : لَا أَدْرِي ، فَلَا يَتَّهِمُهُ السَّائِلُ» .
هديّة :
يعلم بيانه ببيان سابقه وهو الخامس .
قال برهان الفضلاء :
«فلا يتّهمه» مجزوم بلا النّاهية ؛ لأنّ النافية يستلزمها ترك الفاء ؛ أي فلا يتّهمه السائل بالعلم والكفّ عن الجواب . ولا منافاة بينه وبين الرابع ؛ لأنّ هذا الحديث في جواب السؤال بخلاف الرابع .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
يحتمل أن يكون المراد ب «الرجل»؛ من الشيعة هنا غير العالم؛ فإنّه ليس في الكلام إشعار بعالميّته، وهو الغالب الأكثري الوجود ، وليس له أن يقول: «اللّه أعلم» إنّما له أن يقول: «لا أدري»؛ لئلّا يقع في قلب صاحبه ـ وهو من سأله ـ شكّ ولا يتّهمه بكونه عالما .
ويحتمل أن يكون المراد يعمّ العالم وغيره ، ويكون المعنيُ بإيقاع الشكّ والاتّهام الشكَّ في كونه عالما بالمسؤول عنه عند السؤال، مُعرضا عن الجواب لعلّة واتّهامه بذلك، فيكون المنهيّ عنه أن يقول : «اللّه أعلم» عند مظنّيّة ۲ وقوع الشكّ والاتّهام، وذلك في العالم نادر، وفي غيره يكون غالبا؛ فإنّ العالم همّه في نشر العلم وإذاعته، كما أنّ الجاهل همّه في ستر ما اطّلع عليه وإضاعته . ۳
وقال السيّد السند أمير حسن القايني رحمه الله :
«شكّا» أي في علمه و ۴ عدم علمه فيتّهمه بالعلم، وما قيل: «لا أدري نصف العلم»، كأنّه ناظر إلى أنّ المتعلّق بكلّ مسألة علمان: علمٌ بها، وعلمٌ بأنّه يعلمها، أو لا يعلمها، فلا أدري أحد العلمين وهو الجهل البسيط . وفيه: أنّه ورد: «العلم ثلاثة: كتابٌ ناطق، وسنّةٌ قائمة، ولا أدري» ، فعلى هذا لا أدري ثلث العلم .
والتحقيق: أنّ العلم المكسوب للبشر إمّا بالعقل عن اللّه وهو علم الحجّة المعصوم ، أو بالعقل عن العاقل عن اللّه ابتداءً أو بالواسطة ، فلا أدري من غير المعصوم نصف العلم التامّ بالشيء وهو العلم به، والعلم بأنّه حقّ؛ لأنّه مأخوذ عن المعصوم . فمآل كون «لا أدري ثلث العلم» ۵ ـ كما ورد ـ أو نصفه ـ كما قيل ـ إلى أمرٍ واحد .
1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «عليّ بن إبراهيم ، عن أحمدبن محمّد بن خالد،عن حمّاد بنِ عيسى ، عن حريزبن عبداللّه ، عن محمّدبن مسلم».
2.في «ب» و «ج»: «مظنّته».
3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۳۴ ـ ۱۳۵.
4.في «ب» و «ج»: - «علمه و».
5.مجمع الزوائد ، ج ۱ ، ص ۴۳۲ ، ح ۸۴۷ .