409
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1

الحديث السادس

۰.روى في الكافي عَنْ عَلِيٍّ ، عَنْ البرقي ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ۱، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ :«إِذَا سُئِلَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ عَمَّا لَا يَعْلَمُ ، فَلْيَقُلْ : لَا أَدْرِي ، وَلَا يَقُلْ : اللّه ُ أَعْلَمُ ؛ فَيُوقِعَ فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ شَكّا ، وَإِذَا قَالَ الْمَسْؤُولُ : لَا أَدْرِي ، فَلَا يَتَّهِمُهُ السَّائِلُ» .

هديّة :

يعلم بيانه ببيان سابقه وهو الخامس .
قال برهان الفضلاء :
«فلا يتّهمه» مجزوم بلا النّاهية ؛ لأنّ النافية يستلزمها ترك الفاء ؛ أي فلا يتّهمه السائل بالعلم والكفّ عن الجواب . ولا منافاة بينه وبين الرابع ؛ لأنّ هذا الحديث في جواب السؤال بخلاف الرابع .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
يحتمل أن يكون المراد ب «الرجل»؛ من الشيعة هنا غير العالم؛ فإنّه ليس في الكلام إشعار بعالميّته، وهو الغالب الأكثري الوجود ، وليس له أن يقول: «اللّه أعلم» إنّما له أن يقول: «لا أدري»؛ لئلّا يقع في قلب صاحبه ـ وهو من سأله ـ شكّ ولا يتّهمه بكونه عالما .
ويحتمل أن يكون المراد يعمّ العالم وغيره ، ويكون المعنيُ بإيقاع الشكّ والاتّهام الشكَّ في كونه عالما بالمسؤول عنه عند السؤال، مُعرضا عن الجواب لعلّة واتّهامه بذلك، فيكون المنهيّ عنه أن يقول : «اللّه أعلم» عند مظنّيّة ۲ وقوع الشكّ والاتّهام، وذلك في العالم نادر، وفي غيره يكون غالبا؛ فإنّ العالم همّه في نشر العلم وإذاعته، كما أنّ الجاهل همّه في ستر ما اطّلع عليه وإضاعته . ۳
وقال السيّد السند أمير حسن القايني رحمه الله :
«شكّا» أي في علمه و ۴ عدم علمه فيتّهمه بالعلم، وما قيل: «لا أدري نصف العلم»، كأنّه ناظر إلى أنّ المتعلّق بكلّ مسألة علمان: علمٌ بها، وعلمٌ بأنّه يعلمها، أو لا يعلمها، فلا أدري أحد العلمين وهو الجهل البسيط . وفيه: أنّه ورد: «العلم ثلاثة: كتابٌ ناطق، وسنّةٌ قائمة، ولا أدري» ، فعلى هذا لا أدري ثلث العلم .
والتحقيق: أنّ العلم المكسوب للبشر إمّا بالعقل عن اللّه وهو علم الحجّة المعصوم ، أو بالعقل عن العاقل عن اللّه ابتداءً أو بالواسطة ، فلا أدري من غير المعصوم نصف العلم التامّ بالشيء وهو العلم به، والعلم بأنّه حقّ؛ لأنّه مأخوذ عن المعصوم . فمآل كون «لا أدري ثلث العلم» ۵ ـ كما ورد ـ أو نصفه ـ كما قيل ـ إلى أمرٍ واحد .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «عليّ بن إبراهيم ، عن أحمدبن محمّد بن خالد،عن حمّاد بنِ عيسى ، عن حريزبن عبداللّه ، عن محمّدبن مسلم».

2.في «ب» و «ج»: «مظنّته».

3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۳۴ ـ ۱۳۵.

4.في «ب» و «ج»: - «علمه و».

5.مجمع الزوائد ، ج ۱ ، ص ۴۳۲ ، ح ۸۴۷ .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
408

الحديث الخامس

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ رِبْعِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ۱، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ :«لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ أَنْ يَقُولَ : اللّه ُ أَعْلَمُ ، وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْعَالِمِ أَنْ يَقُولَ ذلِكَ» .

هديّة :

(للعالم) أي للفقيه الإمامي؛ لأنّ الإمام عالم بكلّ ما يحتاج إليه الناس.
(وليس لغير العالم) أي لا ينبغي، فلا منافاة بينه وبين سابقه ، ووجهه بدليل التالي إيقاعه السائل في شكّ في أنّه لم يجب بُخلاً أو تقيّةً أو تكبّرا أو لغرض آخر يوجب أمرا مكروها ، أو الوجه عدم المناسبة لحاله .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى :
المراد ب «العالم» هنا: العالم بقدر معتدّ به من المسائل ، أو العالم ببعض المسؤول عنه لا بتمامه، كما لو سئل عن أنّ الكذب كبيرة، وهو يعلم أنّه حرام ولا يعلم أنّه كبيرة . ولا منافاة بين الشقّ الأوّل من هذا الحديث وبين السادس وهو التالي ؛ لأنّ هذا الحديث لبيان الرّاجح ولا ينافيه جواز المرجوح .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«للعالم» أي لمن كان مطّلعا على أكثر المآخذ بقدر الوسع وعلى طريق الأخذ ـ ويعبّر عنه في هذه الأعصار بالمجتهد ـ «إذا سئل عن شيء» حال كونه غير عالم به بالفعل أن يقول: «اللّه أعلم» ، ولا يضرّ دلالته على نحو علم له به ؛ فإنّ العلم بالمآخذ وطريق الأخذ نحوُ علمٍ بالمأخوذ منها، ويترتّب عليه العلم بما يؤخذ منها ولو بالقوّة القريبة من الفعل.
«وليس لغير العالم ذلك» لإشعاره بادّعائه ما ليس له من العلم . ۲
وقال الفاضل صدر الدِّين محمّد الشيرازي :
لأنّ مقتضى صيغة التفضيل أن يكون للمفضّل عليه شركة فيما فيه الفضل وليس للجاهل ذلك ، وأمّا العالم فلمّا كان له نصيب من جنس العلم صحّ له هذا القول وإن كان حكمه حكم الجاهل فيما سئل عنه . ۳
وقال السيّد الباقر الشهير بالداماد رحمه الله :
يعني عليه السلام ب «الرجل» المسؤول الجاهل الذي لا يعلم المسألة ولا طرقها المؤدّية إليها ومباديها بخلاف العالم المسؤول عمّا لا يعلم، فإنّه وإن لم يكن يعلم المسألة إلّا أنّه يعلم مداركها ومباديها، فجهل العالم ليس كجهل الجاهل ، فإذا سئل العالم عمّا لا يعلم فقال: اللّه أعلم أوقع بذلك في قلب صاحبه شكّا أنّ له علما بالمسؤول عنه، لم يكن به بأس، ولا عليه فيه جناح، ولا كذلك أمر الجاهل، فليس له إلّا أن يقول: لا أدري . ۴

1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حمّادبن عيسى ، عن ربعي بن عبداللّه ، عن محمّد بن مسلم».

2.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۳۴.

3.شرح الاُصول الكافي، ص ۱۶۷، ذيل الحديث الرابع من الباب.

4.التعليقة على الكافي، ص ۹۱ ـ ۹۲.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 116967
صفحه از 644
پرینت  ارسال به