الباب الرابع عشر : بَابُ اسْتِعْمَالِ الْعِلْمِ
وأحاديثه كما في الكافي سبعة.
الحديث الأوّل
۰.روى في الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ ابْنِ عِيسى،۱عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى، عَنْ ابْنِ أُذَيْنَةَ،۲عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله أنَّهُ قَالَ فِي كَلَامٍ لَهُ:«الْعُلَمَاءُ رَجُلَانِ: رَجُلٌ عَالِمٌ آخِذٌ بِعِلْمِهِ، فَهذَا نَاجٍ، وَعَالِمٌ تَارِكٌ لِعِلْمِهِ، فَهذَا هَالِكٌ، وَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَتَأَذَّوْنَ مِنْ رِيحِ الْعَالِمِ التَّارِكِ لِعِلْمِهِ، وَإِنَّ أَشَدَّ أَهْلِ النَّارِ نَدَامَةً وَحَسْرَةً رَجُلٌ دَعَا عَبْدا إِلَى اللّه ِ تعالى، فَاسْتَجَابَ لَهُ وَقَبِلَ مِنْهُ، فَأَطَاعَ اللّه َ، فَأَدْخَلَهُ اللّه ُ الْجَنَّةَ، وَأَدْخَلَ الدَّاعِيَ النَّارَ بِتَرْكِهِ عِلْمَهُ، وَاتِّبَاعِهِ الْهَوى، وَطُولِ الْأَمَلِ، أَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، وَطُولُ الْأَمَلِ يُنْسِي الْاخِرَةَ».
هديّة :
في العنوان (استعمال العلم) يعني في العمل والحكم والإفتاء. وحاصل معنى الاستعمال هنا طلب فائدة العلم بالعمل.
(رجلان) يعني قسمين.
(آخذٌ بعلمه) على اسم الفاعل، ولا بأس بصيغة الماضي، أي آخذ في العمل والحكم بعلمٍ قطعيٍ مأخوذٍ عن المأخذ الذي لا يتطرّق إليه الخطأ.
(وعالمٌ تاركٌ لعلمه) أي تارك عمدا لغرض من الأغراض الباطلة، كحبّ الرياسة وتبعيّة الظَّلمة؛ طمعا في الدنيا وحطامها.
(فهذا هالك) بمعنى أنّ أكثر أفراد هذا القسم وأفراده من المستودعين من الهالكين بالخذلان، وأقلّهم من الناجين من النار بتوفيق التوبة وقبول الاستغفار، إذا لم يكونوا من المبتدعين في ضروريّ من ضروريّات الدِّين، أو لم يمت باعتقاد بدعتهم تابع لهم فيها.
في بعض النسخ: «وأدخل الداعي النار بترك عمله» بتقديم الميم على اللّام. فالمعنى بترك عمله بعلمه في استعمال علمه في العمل والإفتاء.
قال برهان الفضلاء: «فيصدّ عن الحقّ» أي عن العمل بالمحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ، الآمرة بسؤال أهل الذِّكر عليهم السلام .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله:
«أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ» أي علما كان أو عملاً، فهو من موانع تناول الحقّ.
«وطول الأمّل» [ينسي الآخرة» فهو موجب لعدم تذكّر الآخرة المقتضي للعمل ، فاتّباع الهوى مانع ، و طول الأمل] ۳ موجب لرفع المقتضي.
ويمكن أن يكون «ينسئ» من الإنساء مهموز اللّام؛ أي يؤخّر العمل للآخرة، فحذف العمل واُسند الفعل إلى الآخرة، فطويل الأمل لظنّه البقاء يؤخّر العمل للآخرة، ويقول: سأفعل لها فيما بعد. ۴
وقال بعض المعاصرين:
«عالم آخذٌ بعلمه» هذا التقسيم هو للعلماء الذين علمهم مقصور بما يتعلّق بالعمل كالعالم بالشريعة وكالعالم بالأخلاق، دون الذين علمهم مقصود لذاته كالعالم بالمبدأ والمعاد. ۵ انتهى.
1.في الكافي المطبوع: «محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى».
2.في الكافي المطبوع: «عمربن اُذيتة».
3.ما بين المعقوفتين أضفناه من المصدر.
4.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۴۲ ـ ۱۴۳.
5.الوافي ، ج ۱ ، ص ۲۰۳ ـ ۲۰۴.