463
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
462

هديّة :

نصح صلوات اللّه عليه طالب علم الدِّين بأنّ مطلوبك متّصف بفضائل كثيرة فيجب لك الاتّصاف بها؛ طلبا لكثرة المناسبة الموجبة لشدّة المرابطة والمواصلة.
كالمناسبة بين «الرّأس» و«التواضع» ضدّ التكبّر، و«العين» و«البراءة من الحسد» ضدّ المودّة، و«الاُذن» و«الفهم» ضدّ الغباوة، و«اللِّسان» و«الصدق» ضدّ الكذب، و«الحفظ» و«الفحص» ـ أي عمّا يحتاج إليه في الدِّين ـ ضدّ التهاون والتساهل، و«القلب» و«حسن النيّة» ضدّ سوئها، و«العقل» و«معرفة الأشياء والاُمور» ضدّ الجهل، و«اليد» و«الرّحمة» ضدّ القسوة، و«الرِّجل» و«زيارة العلماء» ضدّ الشقاوة، و«الهمّة» و«السلامة» ضدّ الهلاك؛ فإنّ الهمّة صدق القصد إلى النجاة، و«الحكمة» و«الورع» ضدّ الهوى، و«المستقرّ» و«النجاة» أي من النار، والمقرّ للناجي الجنّة، والقائد ـ أي إلى الخير ـ والعافية ضدّ البلاء، أي كون الناس في عافية من بلائه وبالعكس؛ فإنّ شغل الابتلاء مع عظم الموانع.
و«المركب» و«الوفاء»؛ فإنّ الصبر على البلاء مفتاح الفرج.
و«السلاح» أي ما يحفظه من حربة العدوّ كالسَّرد والتُرس. والمراد كتمان السرّ، لِمناسبة ۱ «لين الكلمة».
و«السيف» و«الرضا» أي بالقضاء، وهو يوجب الجرأة والجلادة.
و«القوس» و«المداراة»؛ فإنّ بها يصاد الصيد من بعيد.
و«الجيش» و«محاورة العلماء»؛ فإنّ بها يكثر الأعوان في الجهاد مع جنود الشيطان.
و«المال» و«الأدب» وبه يكسب الرزق ويكثر العزّة.
و«الذخيرة» و«اجتناب الذنوب» وبه يعدّ ذخائر الثواب.
و«الزاد» و«المعروف» أي الإحسان؛ فإنّ الجزاء للإحسان هو الإحسان.
و«الماء» و«الموادعة» أي السكون والمصالحة بالاستكانة والملائمة.
و«الدليل» و«الهدى» أي من الحجّة المعصوم العاقل عن اللّه ، وهو الهادي إلى اللّه .
و«الرفيق» و«محبّة الأخيار» وبها يكثر الأعوان والأنصار.
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى:
«فراسه التواضع» أي للحقّ؛ لما مرّ في الثاني عشر من الباب الأوّل من قوله عليه السلام : «يا هشام، إنّ لقمان قال لابنه: تواضع للحقّ تكن أعقل الناس».
و«البراءة من الحسد»: الإغماض عن حطام الدنيا في أيدي أهلها.
و«الفهم» هنا بمعنى حسن المعاشرة مع الناس، وهو ضدّ الحمق؛ فإنّ فهم قباحة القبائح، إنّما يحصل من استماع الكلام من ذوي الآداب الحسنة.
و«الحفظ» عن التلف والهلاك.
و«الفحص» يعني السؤال عن المشكل.
والفرق بين «المعرفة» و«العلم»: أنّ «المعرفة» يستعمل في العلم بالجزئيّات التي تصير صغريات للشكل الأوّل، كمعرفة عدالة الشاهدين، وقِيَم المتلفات، ومقادير الجنايات وأمثالها وتسمّى بمحالّ أحكام اللّه تعالى.
و«العلم» يستعمل في معرفة القواعد الكلّيّة التي تصير كُبريات للشكل الأوّل، كنفس أحكام اللّه في المسائل الفقهيّة.
والفرق بين «الأشياء» و«الاُمور»: أنّ «الأشياء» يستعمل فيما لا اختيار للمكلّفين فيه، كطلوع الفجر، ودلوك الشمس وغروبها لأوقات الصلوات.
و«الاُمور» تستعمل في أفعال العباد، كمقادير الجنايات الموجبة لتعيين الديات.
والمراد ب «السلامة» هنا: السلامة من عقوبات الآخرة وآفات الدنيا. منها الخصومات في المباحثات.
و«حكمته الورع» بفتح الحاء المهملة والكاف أيضا، وهي حديدة اللّجام. و«الورع»: الاجتناب عمّا يضرّ بالآخرة.
و«القائد» هنا عبارة عن سبب الاستنباط من القضايا المعلومة المنتجة.
و«العافية» يعني البراءة من الأمراض القلبيّة.
و«لين الكلمة» أي عند إتمام الحجّة على الخصم. قال اللّه تعالى في سورة طه: «فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّنا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى»۲ أي لفرعون.
و«محاورة العلماء» أي مكالمتهم. واحتمال المجاورة بالجيم بمعنى الملازمة، كما ترى.
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله:
«إنّ العلم ذو فضائل كثيرة» أي تتبعه فضائل ۳
كثيرة، بها يظهر الآثار المقصودة من العلم، وهي للعلم بمنزلة الأعضاء والقوى والآلات والخَدَم وَالتَبَعة والأسباب والأعوان.
«فرأسه التواضع» تفصيل لتلك الفضائل، وابتدأ بالتي منها بمنزلة الأعضاء من العلم، وقال: «فرأسه التواضع» أي لا يفارق العلم وحصوله التواضع، فتوقّع حصول العلم بلا تواضع كتوقّع وجود شخص وحياته بلا رأس، فمن يريد حصول العلم ۴ فعليه بالتواضع.
و«عينه البراءة من الحسد» فالعلم مع الحسد كمن لا عين له، فلا يرى؛ فإنّ الطالب إذا حسد يخفى علمه ولا يتذاكر به، فيخفى عليه مواضع الشُّبَه ولا يتميّز عنده حقّه من باطله حقّ التّمييز. و«اُذنه الفهم» فإنّ من أخذ شيئا من العلوم، ولم يبالغ في فهمه أو فهم ما يوصله إليه، فعلمه به كالذي يخاطَب بما لا يسمع.
و«لسانه الصدق» فإنّ العلم مع عدم مراعاة الصدق كالذي لالسان له ليفيد غيره.
و«حفظه الفحص» وهو البحث عن الشيء، والعلم بدونه ۵ كالذي لا حفظ له، فيغفل عن كثير وينسى كثيرا.
و«قلبه حسن النيّة» فإنّ العلم بدونه، كالذي لا قلب له ۶ ولا قوّة على أن يأتي بما ينبغي منه. ۷
و«عقله معرفة الأشياء والاُمور» كمعرفة أحوال الأوقات والأعصار وأهلها. ۸
«ويده الرحمة» أي على المحتاجين إلى العلم والعمل به. ۹
و«رجله زيارة العلماء» ولولا زيارة العلماء لما انتقل العلم من أحدٍ إلى آخر. ۱۰ وهذا آخر ذكر الأعضاء، وعدّ العقل فيها لكونه المدار عليه في الشخص، واحتياجه إليه أشدّ من احتياجه إلى الأعضاء.
و«حكمته» أي ما به اختياره الصدق الصواب ۱۱ «الورع» وهو التقوى والتحرّر عن ارتكاب المحرّمات.
ويحتمل «حكمته» ۱۲ بفتح الحاء والكاف، وهو المحيط من اللجام بِحَنَك الدابّة؛ أي المانع لمركبه من الخروج عن طريقه.
و«مستقرّه» أي مسكنه الذي إذا وصل إليه سكن واستقرّ، فيه «النجاة» والتخلّص عن الشُّبه وطرق الضلال.
و«قائده» أي ما يقوده ويجرّه نحو مستقرّه، «العافية» أي البراءة من الآفات والعاهات والأمراض النفسانيّة.
و«مركبه» أي ما بركوبه وسَوقه يصل إلى مستقرّه «الوفاء» بما في ذمّته من وجوب الإتيان بما يجب فعله، والانتهاء عمّا يجب تركه، فبركوبه وسوقه يصل العلم إلى النجاة.
و«سلاحه» و ما يدافع به عدوّه الذي يريد إبطاله وإسقاطه «لين الكلمة»، فإنّ لين الكلمة يؤدّي إلى قلّة التعرّض للعلم.
«وسيفه الرِّضا» أي ما يدفع به العدوّ عند اللّقاء ويؤمن من غالبيّته ۱۳ «الرِّضا»؛ فإنّه إذا رضي بما وقع من العدوّ بالنسبة إليه ولم يتعرّض لدفعه، سلم العلم عن الهلاك والاندفاع بالمماراة والجدال.
«وقوسه» وما يرمي به عدوّه من بعيد «المداراة» وهو حسن الخُلق والملائمة ۱۴ مع الخلق.
«وجيشه» وما يقوى به من الأعوان والأنصار «محاورة العلماء» ومكالمتهم والمجاوبة معهم.
«وماله» أي بضاعته التي يتّجر بها ويزيد بها ربحه «الأدب» وحسن التناول في التعليم والتعلّم والمعاشرة.
«وذخيرته» أي ما يحرزه لوقت الحاجة «اجتناب الذنوب»؛ فإنّه إذا اجتنب لم يضعف وتبقى قوّته، بل يقوى يوما فيوما، فعند إرادة العدوّ وإزالته ينتفع به.
«وزاده» وما به قوّته على سلوك الطريق «المعروف» من الأفعال. فبفعل المعروف يقوى على سلوك طريق النجاة.
«وماؤه» وما يسكن به عطشه وحرقة فؤاده وحرارة كبده «الموادعة» والمصالحة.
«ودليله» إلى النجاة «الهدى» أي ما يهتدي به من الطريقة المأخوذة من الكتب والرُّسل والأوصياء.
«ورفيقه» وما يؤمن بمرافقته من قطع الطريق عليه «محبّة الأخيار» فإنّها تورث الاجتناب عن الشرّ واختيار الخير. ۱۵

1.في «ب» و «ج»: «كمناسبة».

2.طه (۲۰): ۴۴.

3.في المصدر: «و فضائل».

4.في المصدر: «طلب العلم».

5.في المصدر: «بدون الفحص».

6.في المصدر: «فإنّ العلم إذا لم يكن معه حسن النيّة كان كالذي لا قلب له».

7.في المصدر: + «أو كالذي لاحياة له، و لا يظهر منه آثار وجوده».

8.في المصدر: «و مصير كلّ شيء إلى ما ينتهي إليه، فيظهر من العلم مع تلك المعرفة ما ينبغي ظهورها منه وما يكون خيرا له حينئذٍ».

9.في المصدر: + «فإنّ العلم مع عدم الرحمة كالذي لا يد له، و لا يقدر على ما ينبغي له أو يريد فعله».

10.في المصدر: + «و كان كمن لا رِجْل له، و لا ينتقل من مكانه، و لا يتعدّى إلى آخر».

11.في «ب» و «ج»: «والثواب».

12.في «ب» و «ج»: «وحكمته».

13.في المصدر: «غائلته».

14.من المصدر: «المداينة».

15.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۱۶۰ ـ ۱۶۳.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 124430
صفحه از 644
پرینت  ارسال به