487
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
486

الحديث التاسع

۰.روى في الكافي عن مُحَمَّدُ ، عَنْ ابْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ ابْنِ مُسْكَانَ ،۱عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ :«الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَةِ ، وَتَرْكُكَ حَدِيثا لَمْ تُرْوِهِ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَتِكَ حَدِيثا لَمْ تُحْصِهِ» .

هديّة :

(عند الشبهة) أي التي لامعالجة لعلّتها بوجهٍ صحيح عند الفقيه العدل الإمامي المأذون عنهم عليهم السلام بالطبابة لعلّة الشبهات.
(والاقتحام) في الشيء: رمي النفس فيه من غير رويّة .
و(الهلكة) بالتحريك : الهلاك ويضمّ .
(لم تروه) أي وتركك كلاما في أمر الدِّين لم ينقل لك من ثقة ـ على الحذف والإيصال ـ أي لم يكن مأخذه من المعصوم.
(خير من روايتك حديثا لم تحصه) من الإحصاء، أي لم تضبطه على وجهه وإن كانت رواية عن المعصوم .
و«الإحصاء» : العدّ والحفظ والإحاطة بالشيء .
وقرئ : «لم تخصّه» بالخاء المعجمة، أي بالمعصوم باحتمالك كونه عن غيره.
ويخطر بالبال أنّ الأولى : «لم تروه» على الخطاب المعلوم من المجرّد، أي تركك الجواز أو الوجوب بترك نقلك الحديث الصحيح خير من فعلك الحرام بروايتك «حديثا لم تحصه» أو «لم تخصّه» على نسخة؛ لأنّ ترك مثل الواجب يغفر بالاستغفار، وفعل مثل الحرام يؤدّي إلى النار .
وفي نهج البلاغة من وصايا أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه لابنه الحسن عليه السلام : «ودع القول فيما لا تعرف، والخطاب فيما لا تُكلَّف، وأمْسِك عن طريقٍ إذا خفت ضلالته؛ فإنّ الكفّ عند حَيْرة الضلالة خيرٌ من ركوب الأهوال» ۲ . ولعلّ معنى «فيما لا تكلّف» : في مقام لا تكلّف أن تكون آمرا أو ناهيا فيه .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى :
«خير» أي ضرره قليل، وضرر الوقوف عند الشبهة إنّما هو باعتبار الدنيا، نظير النفع في آية سورة البقرة : «وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا»۳ .
وجملة «وتركك» من قبيل الترقّي.
«ولم تروه» ـ بسكون الرّاء وتخفيف الواو المكسورة ـ صفة للحديث. ومفهوم هذه الصفة احتراز عن الحديث الذي لم يقع العمل بمقتضاه ، وعن الحديث الذي لم يحص ولم يعدّ .
والمراد بالإحصاء هنا : استيعاب العلم المعلوم بجميع أجزائه مثل «أَحْصَى كُلَّ شَىْ ءٍ عَدَدَا»۴ ؛ يعني الوقوف عن القول والعمل عند الشكّ في أنّه جائز أم لا ، أقلّ ضررا من الاقتحام فيه ودخول النار . «وتركك حديثا» لم تنقله مع أنّك ضبطته وعملت بمقتضاه أقلّ ضرارا من نقلك حديثا لم تضبطه .
وقال الفاضل الاسترآبادي رحمه الله :
«الوقوف عند الشبهة» من جملة تصريحاتهم عليهم السلام بأنّه يجب التوقّف في الحلال والحرام عند فقد القطع واليقين . ۵
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«الوقوف عند الشبهة خيرٌ من الاقتحام في الهلكة» أي التثبّت عند الشبهة حتّى ينتهي ۶ الأمر خير من الاقتحام والدخول ، وإلقاء النفس فجأةً في الهلكة، وهي ـ بضمّ الهاء وفتح اللّام ـ الهلاك ، وعبّر عن الضلال بالهلاك.
والدخول فيالشبهة وما لا يكون معلوم الثبوت ـ عقلاً أو شرعا، لا ابتداء ولا تأنّيا، ۷ اعتقادا أو قولاً أو فعلاً ـ ضلال وهلاك.
«وتركك حديثا لم تروه» أي لم تحمل على روايته. وكونه محمولاً على روايته عبارة عن كونه محفوظا مصحّحا عنده الحديث بحيث يكون له روايته ويجب ۸ عليه. والفعل مجهول من باب الإفعال أو التفعيل، ۹ أو معلوم من إحدى البابين. يقال : روّيته الشعرَ، أي حملته على روايته، وأرويته أيضا، أي لم تحمل من تروى له على روايته، ولم تصيّره بحيث يكون له أو يجب عليه روايته.
ومناط الجوازِ في صور الجواز والوجوب في صوره كونه مأخوذا عن طريقه المعتبر الثابت بالأدلّة العقليّة والنقليّة، ۱۰ محفوظا لفظه أو معناه السالم عن التغيّر والتبدّل فيما هو المقصود إفادته.
أو مجرّد، أي «تركك حديثا» ولم تكن راويا له على حاله فلا ترويه.
«خيرٌ من روايتك حديثا لم تحصه» [خبر لقوله : «وتركك»] ۱۱ «ولم تحصه» صفة لقوله «حديثا» كقوله : «لم تروه» [لقوله : «حديثا» هناك] ۱۲ هناك .
والمراد أنّ حالك ـ باعتبار تركك رواية حديثٍ غير ثابت بطريقه، أو حديثا لم تكن راويا له فلا ترويه ـ خيرٌ من حالك باعتبار روايتك حديثا لم تحصه.
والإحصاء لغةً : العدّ، ولمّا كان عدّ الشيء يلزمه الاطّلاع على واحد واحد ممّا فيه، استعمل في الاطّلاع على جميع ما في شيء والإحاطة العلميّة التامّة بما فيه، وشاع ذلك الاستعمال. وإحصاء الحديث عبارة عن العلم بجميع أحواله متنا وسندا وانتهاءً إلى المأخذ الشرعي، فما لم يكن من الأحاديث معلوما له بأحواله ـ متنا؛ للاشتباه في ألفاظه ومعانيه في بقائه ومنسوخيّته، أو سندا حيث لا يعرف كيفيّة سنده، أو انتهاءً حيث لا يعلم أنّ المنتهى إليه من المآخذ الشرعيّة ـ تركُ روايته خيرٌ من روايته؛ لأنّه إذا لم يروه رجع الناس فيه إلى من عنده العلم به، فيأخذونه على ما هو عليه، وإذا رواه يرجع إليه كثير من الجَهَلة والمسامحين في أمر الدِّين، ويبقى كثير على الضلال وإن بالغ في التحرّز عن التصرّف ، وفي الإسناد إلى الناقلين وإلى المأخذ المنتهى إليه، ولم يزدد على النقل ولم يدّع حقّيته . ۱۳ انتهى .
أنت خبير بأنّ الأنسب بصدر الحديث ما ذكرناه أخيرا بقولنا : «ويخطر بالبال»، وإنّما لم ننقله أوّلاً وهو أولى؛ لمكان توهّم الأمر بترك الواجب وليس أمرا به في مقام المبالغة في المنع والتهديد ، كما أنّ ترك قراءة الحمد في الصلاة مع الاعتقاد بأنّ البسملة منها خيرٌ من ترك البسملة اعتقادا أنّها ليست من السورة، والأوّل يعالج بخلاف الثاني .

1.السند في الكافي المطبوع إلى هنا هكذا : «محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن النعمان، عن عبداللّه بن مسكان».

2.نهج البلاغة، ص ۳۹۱، الرسالة ۳۱.

3.البقرة (۲) : ۲۱۹ .

4.الجنّ (۷۲) : ۲۸ .

5.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۹۵.

6.في المصدر: «حتى يتبيّن».

7.في «ب، ج»: «ثانيا».

8.في المصدر : «أو يجب».

9.في المصدر قدّم قوله : «يقال : رويته ـ إلى ـ وأرويته أيضا» على قوله : «أو معلوم من إحدى البابين».

10.في المصدر : «أو النقليّة».

11.أضفناه من المصدر.

12.أضفناه من المصدر.

13.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۱۷۳ ـ ۱۷۵.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 114167
صفحه از 644
پرینت  ارسال به