الحديث الخامس
۰.روى في الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنِ السّرّاد۱، عَنْ عَبْدِ اللّه ِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : يَجِيئُنِي الْقَوْمُ ، فَيَسْتَمِعُونَ مِنِّي حَدِيثَكُمْ ، فَأَضْجَرُ وَلَا أَقْوى؟ قَالَ :«فَاقْرَأْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَوَّلِهِ حَدِيثا ، وَمِنْ وَسَطِهِ حَدِيثا ، وَمِنْ آخِرِهِ حَدِيثا» .
هديّة :
ضجرمنه وبه، كعلم : تبرّم وقلق من الغمّ والسّآمة.
(من أوّله) أي من أوّل كتاب الحديث، أو أوّل درسهم .
قال برهان الفضلاء :
«يجيئني القوم» يعني من الشيعة.
«حديثكم» أي كتاب حديثكم.
«فأضجر» أي من كثرة عدد الدّرس، أو طوله.
«من أوّله حديثا» أي من أوّل الكتاب درسا «ومن وسطه» درسا «ومن آخره» درسا؛ لأنّ الضجر إن كان من كثرة عدد الدرس فالتقليل يوجب الراحة، وإن كان من طوله فالانتشار يوجب الراحة، كما مرّ في الأوّل من باب النوادر .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«يجيئني القوم» لسماع حديثكم منّي، فأقوم بقضاء حاجتهم، ويسمعون منّي حديثكم ولا أقوى على ما يريدون من سماع كلّ ما رُوِّيته من حديثكم منّي وأضجر؛ لعدم الإتيان بمرادهم. فقال عليه السلام في جوابه : «فاقرأ عليهم من أوّله» أي من أوّل كتاب الحديث «حديثا ومن وسطه حديثا ومن آخره حديثا ».
والمعنى أنّه إذا لم تَقْو على القيام بمرادهم ـ وهو السماع على الوجه الكامل ـ فاكتف بما يحصل لهم فضل السماع في الجملة ، ولينتفعوا بما به يجوز العمل والنقل، من الإجارة وإعطاء الكتاب غيره، كما ورد في الأخبار والأحاديث. ۲
وقال السيّد السند أميرحسن القائني رحمه الله :
يعني أنّ الحديث إذا كان متعدّدا وتضجر من قرائته جاز أن تقرأ عليهم من أوّل الكتاب حديثا، ومن وسطه آخر، ومن آخره آخر. وإن كان حديثا واحدا طويلاً فاقرأ عليهم كلاما مفيدا مستقلّاً من أوّله، وكذا من وسطه وآخره . ولعلّ الوجه في تخصيص الأوّل والوسط والآخر أنّ الجمل المتقاربة تكون في أكثر الأمر من نوع واحد، فليست الفائدة فيها كالتي في الجمل المتباعدة .