511
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1

الحديث الخامس

۰.روى في الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنِ السّرّاد۱، عَنْ عَبْدِ اللّه ِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : يَجِيئُنِي الْقَوْمُ ، فَيَسْتَمِعُونَ مِنِّي حَدِيثَكُمْ ، فَأَضْجَرُ وَلَا أَقْوى؟ قَالَ :«فَاقْرَأْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَوَّلِهِ حَدِيثا ، وَمِنْ وَسَطِهِ حَدِيثا ، وَمِنْ آخِرِهِ حَدِيثا» .

هديّة :

ضجرمنه وبه، كعلم : تبرّم وقلق من الغمّ والسّآمة.
(من أوّله) أي من أوّل كتاب الحديث، أو أوّل درسهم .
قال برهان الفضلاء :
«يجيئني القوم» يعني من الشيعة.
«حديثكم» أي كتاب حديثكم.
«فأضجر» أي من كثرة عدد الدّرس، أو طوله.
«من أوّله حديثا» أي من أوّل الكتاب درسا «ومن وسطه» درسا «ومن آخره» درسا؛ لأنّ الضجر إن كان من كثرة عدد الدرس فالتقليل يوجب الراحة، وإن كان من طوله فالانتشار يوجب الراحة، كما مرّ في الأوّل من باب النوادر .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«يجيئني القوم» لسماع حديثكم منّي، فأقوم بقضاء حاجتهم، ويسمعون منّي حديثكم ولا أقوى على ما يريدون من سماع كلّ ما رُوِّيته من حديثكم منّي وأضجر؛ لعدم الإتيان بمرادهم. فقال عليه السلام في جوابه : «فاقرأ عليهم من أوّله» أي من أوّل كتاب الحديث «حديثا ومن وسطه حديثا ومن آخره حديثا ».
والمعنى أنّه إذا لم تَقْو على القيام بمرادهم ـ وهو السماع على الوجه الكامل ـ فاكتف بما يحصل لهم فضل السماع في الجملة ، ولينتفعوا بما به يجوز العمل والنقل، من الإجارة وإعطاء الكتاب غيره، كما ورد في الأخبار والأحاديث. ۲
وقال السيّد السند أميرحسن القائني رحمه الله :
يعني أنّ الحديث إذا كان متعدّدا وتضجر من قرائته جاز أن تقرأ عليهم من أوّل الكتاب حديثا، ومن وسطه آخر، ومن آخره آخر. وإن كان حديثا واحدا طويلاً فاقرأ عليهم كلاما مفيدا مستقلّاً من أوّله، وكذا من وسطه وآخره . ولعلّ الوجه في تخصيص الأوّل والوسط والآخر أنّ الجمل المتقاربة تكون في أكثر الأمر من نوع واحد، فليست الفائدة فيها كالتي في الجمل المتباعدة .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «وعنه، عن أحمد بن محمّد و محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب».

2.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۱۸۴.


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
510

هديّة :

(قال سواء) لأنّ علومهم عليهم السلام من معدن واحد، وهم من نور واحد .
ووجه الاستثناء كثير، منها التقيّة، وسرعة بعض الطبائع، وتذكير الإمام السابق . وله فوائد شتّى، منها تذكّر وجوب وجود إمامٍ في كلّ عصرٍ من الأعصار، ووصيّته لخلفه ومطابقة قول الوصيّ والموصي، وغير ذلك، كرجحان علوّ السند، وقرب الإسناد من النبيّ عليه السلام عند الناس في قبول الرواية.
وتوقّف الواقفة على الأب، فلا يكون حجّة عليهم من الوجوه والفوائد .
(وقال أبو عبداللّه عليه السلام ) كلام ثقة الإسلام، أو أبي بصير، أو غيره من رجال السند .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه : «سواء» في المطابقة للواقع. ووجه الأحبّيّة : التقيّة؛ إذ لا يحتمل تطرّق الضرر إلى الإمام السابق .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
هذا السؤال يحتمل وجهين :
أحدهما : هل فرق بين رواية المسموع منك عن أبيك، وبين رواية المسموع من أبيك عنك أم لا؟
والثاني : هل يجوز أن أروي عن أبيك ما كان سماعه منك، وأروي عنك ما كان سماعه من أبيك ؟
ومعنى الجواب على الأوّل : أنّهما سواء في الجواز، فكما يجوز أن تروي عن أبي ما تسمعه منّي؛ حيث يُعلم أنّ حديثي حديثه ومأخوذ منه، فكذلك يجوز أن تروي عنّي ما كان سماعه من أبي؛ لما يُعلم أنّ أحاديثنا واحد لا يختلف .
وعلى الثاني : أنّ السَّماعَين سواء في الجواز بالنسبة إلى الروايتين، وذلك حيث أخبر عليه السلام مجملاً بأنّ ما كان يقول به أحد من الحجج عليهم السلام يقول به الآخر وأنّ أحاديثهم لا يختلف.
وقوله «إلّا أنّك»، جارٍ في الاحتمالين . وعلى الاحتمال الثاني يمكن تعلّقه بالقرينتين وبالأخيرة .
فعلى الاحتمال الأوّل يكون المعنى : رواية المسموع منّي عن أبي أحبّ إليَّ من رواية المسموع من أبي عنّي .
وعلى الاحتمال الثاني على تقدير تعلّقه بالجميع يكون المعنى : رواية كلّ منهما عن أبي أحبّ إليّ من روايته عنّي .
وعلى تقدير تعلّقه بالأخيرة يكون المعنى : رواية المسموع من أبي عنه أحبّ إليَّ من روايته عنّي؛ لأنّ في رواية المسموع من أبيه عنه يتوهّم كونه مسموعا عنه بخصوصه، وهو خلاف الواقع .
وفي رواية المسموع منه عن أبيه رعاية التقيّة، واستشهاد الرواية عن الأعلى الذي إنكار أهل الزمان له أقلّ.
وأحبّيّته إليه إمّا للتقيّة أو للتحرّز عن إيهام ما هو خلاف الواقع من سماعه بخصوصه من المروي عنه .
«وقال أبو عبداللّه عليه السلام » من كلام أبي بصير، ويحتمل أن يكون ابتداء ذكر حديثٍ آخر من الكليني طاب ثراه بترك الإسناد. ۱ انتهى .
«فعلى الاحتمال الأوّل ـ إلى قوله ـ : أقلّ» كأنّه حاشية منه اُدخلت في المتن، لما لا يخفى ۲ .
وفي «أو للتحرّز» ما فيه .

1.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۱۸۲ ـ ۱۸۳.

2.في المصدر أيضا في الهامش نقلاً عن حاشية «ت، م، ل» مخطوطات المتن.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 113575
صفحه از 644
پرینت  ارسال به