الحديث الرابع عشر
۰.روى في الكافي عَنْ عليٍّ، عَنْ الْعَبِيدِي ، عَنْ يُونُسَ ،۱عَنْ أَبَانٍ ، عَنْ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام يَقُولُ :«ضَلَّ عِلْمُ ابْنِ شُبْرُمَةَ عِنْدَ الْجَامِعَةِ ـ إِمْلَاءِ رَسُولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله وَخَطِّ عَلِيٍّ عليه السلام بِيَدِهِ ـ إِنَّ الْجَامِعَةَ لَمْ يَدَعْ لِأَحَدٍ كَلَاما ، فِيهَا عِلْمُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، إِنَّ أَصْحَابَ الْقِيَاسِ طَلَبُوا الْعِلْمَ بِالْقِيَاسِ ، فَلَمْ يَزْدَادُوا مِنَ الْحَقِّ إِلَا بُعْدا؛ إِنَّ دِينَ اللّه ِ لَا يُصَابُ بِالْقِيَاسِ» .
هديّة :
«عبداللّه بن شُبْرُمَة» كجربزة : كان من رؤساء أصحاب القياس من فقهاء العامّة، وكان قاضيا بالكوفة. ۲
وسيجيء بيان (الجامعة) في كتاب الحجّة إن شاء اللّه تعالى.
«ضلّ علمه» ضاع واضمحلّ.
(إنّ دين اللّه لا يصاب بالقياس)؛ لانحصار علمه في أخبار الحجّة المعصوم العاقل عن اللّه ؛ لانحصار الأعلميّة فيه تبارك وتعالى .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه :
«إنّ الجامعة لم يدع لأحد كلاما» يعني ليعجز في حكم مسألة، فيقول : ليس بدّ هنا من القياس واتّباع الظنّ؛ فإنّ الجامعة فيها تأويل جميع متشابهات القرآن.
«إنّ دين اللّه لا يصاب بالقياس»؛ لأنّ القياس اتّباع الظنّ، وهو شرك باللّه سبحانه .
وقال الفاضل الاسترآبادي رحمه الله :
«إنّ الجامعة لم يدع لأحد كلاما» من جملة تصريحاتهم عليهم السلام بأنّه لم يخلوا واقعة عن حكم اللّه تعالى، وبأنّ كلّ أحكامه محفوظ عند أهلها . ۳
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«ضلّ علم ابن شبرمة عند الجامعة» المراد بالعلم إمّا المأخوذ من مأخذه من المسائل ، وإمّا ما يظنّ ويراه بأيّ طريق كان، سواء كان مأخوذا من المآخذ الشرعيّة، أو من الرأي والقياس.
و«الضلال» إمّا بمعنى الخفاء والغيبوبة حتّى لا يُرى، أو بمعنى الضياع والهلاك والفساد، أو مقابل الهُدى.
فإن حُمل العلم على الأوّل ناسبه الأوّل من معاني الضلال؛ لأنّه من قلّته بالنسبة إلى ما في الجامعة من جميع المسائل ممّا لا يُرى ۴ .
وإن حُمِل على الثاني ويشتمل جميع ظنونه وآرائه، ناسبه أحد الأخيرين من معاني الضلال، فإنّه ضائع هالك عندما أتى به رسول اللّه صلى الله عليه و آله لمخالفته له.
وضلّ هذا العلم، أي ظهر ضلاله وخروجه عن طريقه ۵ المستقيم ۶ عندما يثبت ۷ من رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو منهاج الهدى لمخالفته إيّاه.
«إنّ دين اللّه لا يصاب بالقياس» لأنّه إذا كان في كلّ مسألة حكما خاصّا صادرا من الشارع، فقلّما يطابقه ما يقاس ويقال فيه بالرأي والتخمين، والأحكام الشرعيّة ۸ أكثرها لا يطابق القياس، والعلل فيها غير منتظمة، فقلّما يفارق النظّر فيها عن الالتباس . ۹
1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عنه، عن محمّدٍ، عن يونس».
2.رجال الطوسي، ص ۱۱۷، الرقم ۱۱۸۴؛ خلاصة الأقوال، ص ۲۷۰، الرقم ۵ .
3.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۹۷.
4.في المصدر : + «ولا يكون له قدر بالنسبة إليه وفي جنبه».
5.في «ب» و «ج»: «طريق».
6.في المصدر : «الطريقة المستقية».
7.في «ب» و «ج»: «ثبت».
8.في المصدر : «فإنّ الأحكام الواردة في الشريعة» بدل «والأحكام الشرعيّة».
9.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۲۰۳ ـ ۲۰۴.